أفواجا ، ومعهم علومهم وآدابهم وثقافاتهم ، كما نبّهنا. فازداد التبصّر والتفتّح إلى آفاق أوسع ، والتطلّع إلى أرجاء أبعد.
ولا شك أنه كلّما ازداد علم الرجل وتنوّعت ثقافاته وترامت معارفه ، فإنه يزداد تبصّره ويتوسّع تفكيره وتفهّمه للأمور ، مهما كان نمطها ، وأيّا كان نسجها.
وبعد ، فيمكننا تنويع المصادر التي كان التابعون يعتمدونها لفهم معاني كلام الله تعالى ، وتبيين مقاصده ومرامينه ، إلى الأمور التالية :
أوّلا : مراجعة الكتاب نفسه ؛ حيث القرائن والدلائل في كلام أيّ متكلّم ، خير شهود على كشف مراده والوقوف على مرامه. وهكذا القرآن ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض ، كما قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام.
ثانيا : ملاحظة ما تلقّوه من أقوال الصحابة وأحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بشأن تبيين معاني الكتاب.
حيث الأسئلة حول لفيف من معاني القرآن كانت كثيرة على عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان عليه البيان ، كما كان عليه البلاغ. ومن تلك الأسئلة وأجوبتها كانت وفرة وفيرة مدّخرة على أيدي الصحابة ، يؤدّونها إلى الذين اتّبعوهم بإحسان.
وقد تقدم حديث مسروق بن الأجدع ، ووصفه لعلوم الأصحاب المتلقّاة من النبيّ الكريم.
ثالثا : مراعاة أسباب النزول والمناسبات المستدعية لنزول آية أو آيات أو سورة ونحوها ؛ حيث كانت في متناولهم القريب ، وهم الذين نقلوها إلينا فيما نقلوه من الآثار والأخبار.
وحيث كانت الآيات النازلة بشأنها ناظرة إلى جوانب وخصوصيات تحتضنها تلك الحوادث والمناسبات ، فإنها بدورها تصبح خير دلائل على رفع كثير من الإبهام الوارد في ألفاظ تلكم الآيات بالذات. وكان أصحاب ذلك العهد