هذا أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني صاحب الملل والنحل (٤٦٧ ـ ٥٤٨) يحاول ـ عند دراسته لتفسير القرآن ـ أن يجعل رائده علما من أعلام هذا البيت الرفيع ، معتقدا أن الصحيح من القول ، لا يوجد إلّا عندهم لا عند غيرهم.
وإليك بعض كلامه بهذا الشأن :
«وخصّ الكتاب بحملة من عترته الطاهرة ونقلة من أصحابه الزاكية الزاهرة ، يتلونه حق تلاوته ، ويدرسونه حق دراسته ، فالقرآن تركته ، وهم ورثته ، وهم أحد الثقلين ، وبهم مجمع البحرين ، ولهم قاب قوسين ، وعندهم علم الكونين ، والعالمون.
«وكما كانت الملائكة عليهمالسلام معقبات له من بين يديه ومن خلفه تنزيلا ، كذلك كانت الأئمّة الهادية ، والعلماء الصادقة معقبات له من بين يديه ومن خلفه تنزيلا ، كذلك كانت الأئمّة الهادية ، والعلماء الصادقة معقبات له من بين يديه ومن خلفه تفسيرا وتأويلا (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(١). فتنزيل الذكر بالملائكة المعقبات ، وحفظ الذكر بالعلماء الذين يعرفون تنزيله وتأويله ، ومحكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، وعامّه وخاصّه ، ومجمله ومفصّله ، ومطلقه ومقيّده ، ونصّه وظاهره ، وظاهره وباطنه. ويحكمون فيه بحكم الله ، من مفروغه ومستأنفه ، وتقديره وتكليفه ، وأوامره وزواجره ، وواجباته ومحظوراته ، وحلاله وحرامه ، وحدوده وأحكامه ، بالحق واليقين ، لا بالظنّ والتخمين ، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.
«ولقد كانت الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ متّفقين على أن علم القرآن مخصوص بأهل البيت عليهمالسلام ؛ إذ كانوا يسألون علي بن أبي طالب رضى الله عنه هل خصصتم أهل البيت دوننا بشيء سوى القرآن؟ وكان يقول : لا والذي فلق الحبّة و
__________________
(١) الحجر / ٩.