وقد فصّل الكلام في ذلك الطبرسي في مجمع البيان ، فراجع (١).
وقوله تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا. ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا. فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا) ـ إلى قوله ـ (مَتاعاً لَكُمْ)(٢).
قال الإمام أبو جعفر الباقر عليهالسلام : إلى علمه الذي يأخذه عمّن يأخذه (٣).
لا شكّ أن العلم غذاء الروح كما أن الطعام غذاء الجسد. فكما يجب على الإنسان أن يعرف أنّ الطعام الصالح والغذاء النافع الكافل لسلامة الجسد وصحّة البدن ، هو الذي يأتيه من جانب الله ، وأنه تعالى هو الذي هيّأه له ترفيها لمعيشته ، كذلك يجب عليه أن يعلم أن العلم النافع والغذاء الصالح لتنمية روحه وتزكية نفسه هو الذي يأتيه من جانب الله ، وعلى يد أوليائه المخلصين الذين هم أئمة الهدى ومصابيح الدجى ، فلا يستطرق أبواب البعداء الأجانب عن مهابط وحي الله ، ومجاري فيضه المستدام.
قال الحكيم الربّاني الفيض الكاشاني : لأن الطعام يشمل طعام البدن وطعام الروح جميعا كما أنّ الإنسان يشمل البدن والروح. فكما أنه مأمور بأن ينظر إلى غذائه الجسماني ليعلم أنه نزل من عند الله ، فكذلك غذاؤه الروحاني الذي هو العلم ، ليعلم أنه نزل من عنده تعالى بأن صبّ أمطار الوحي إلى أرض النبوّة وشجرة الرسالة ، وينبوع الحكمة ، فأخرج منها حبوب الحقائق وفواكه المعارف ، ليغتذي بها أرواح القابلين للتربية. فقوله عليهالسلام : «علمه الذي يأخذه عمن يأخذه» أي ينبغي له أن يأخذ علمه من مهابط الوحي ومنابع الحكمة ، أهل بيت رسول
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٧ ، ص ٦٦ ـ ٦٧.
(٢) عبس / ٢٤ ـ ٣٢.
(٣) رجال الكشّي ، ص ١٠ ـ ١١ (ط نجف)