وعداء على عهد المنصور العباسي. فممّا جرى بينهما ـ فيما رواه الشيخ أبو عبد الله المفيد بإسناده إلى الحرث بن عبد الله الربعي ـ قال : كنت جالسا في مجلس المنصور ، وهو بالجسر الأكبر ، وسوّار عنده ، والسيد ينشده :
إن الإله الذي لا شيء يشبهه |
|
آتاكم الملك للدنيا وللدين |
آتاكم الله ملكا لا زوال له |
|
حتى يقاد إليكم صاحب الصّين |
وصاحب الهند مأخوذ برمّته |
|
وصاحب الترك محبوس على هون |
حتى أتى على القصيدة والمنصور مسرور.
فقال سوّار : هذا والله يا أمير المؤمنين يعطيك بلسانه ما ليس في قلبه ، والله إنّ القوم الذين يدين بحبّهم لغيركم ، وإنه لينطوي على عداوتكم.
فقال السيد : والله إنّه لكاذب ، وإنّني في مديحك لصادق ، ولكنه حمله الحسد ؛ إذ رآك على هذه الحال. وأن انقطاعي ومودّتي لكم أهل البيت لمعرق (١) لي فيها عن أبويّ ، وأن هذا وقومه لأعداؤكم في الجاهلية والإسلام ، وقد أنزل الله عزوجل في أهل بيت هذا (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ)(٢).
__________________
المنصور قضاء البصرة سنة ١٣٨ ، ومات بها سنة ١٥٦. (تهذيب التهذيب ، ج ٤ ، ص ٢٦٩)
(١) يقال : أعرق الرجل ، أي صار عريقا ، أي أصيلا في الشرف. أي مودّتي ذات عرق وأصالة قديمة.
(٢) الحجرات / ٤. نزلت في بني العنبر. كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سبى قوما منهم فجاءوا في فدائهم ، فأعتق نصفهم وفادى النصف ، وكانوا مذ أتوا النبيّ جعلوا ينادونه من وراء الحجرات ليخرج إليهم ، وكان ذلك منهم سوء أدب ؛ إذ لم يعرفوا مقام النبيّ. يقول تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) الحجرات / ٤ ـ ٥ (مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ١٣١) وكان سوّار من بني العنبر ، وكان عثمانيا خرج مع أصحاب الجمل أيضا. وفي ذلك يقول السيد الحميري يهجوه بمحضر المنصور :