سورة فاتحة الكتاب
وتسمّى أمّ القرآن لأنها مفتتحه ومبدؤه فكأنها أصله ومنشؤه ، ولذلك تسمى أساسا أو لأنها تشتمل على ما فيه من الثناء على الله تعالى ، والتعبّد بأمره ، ونهيه وبيان وعده ووعيده أو على جملة معانيه من الحكم النظرية والأحكام العملية التي هي سلوك الطريق المستقيم ، والاطلاع على مراتب السعداء ومنازل الأشقياء ، وسورة الكنز ؛ لأنها نزلت من كنز تحت العرش ، والوافية والكافية ؛ لأنها وافية كافية في صحة الصلاة بخلاف غيرها عند القدرة عليها ، والشافية والشفاء لقوله عليه الصلاة والسّلام : «هي شفاء لكل داء» (١) والسبع المثاني ؛ لأنها سبع آيات باتفاق ، لكن من عدّ البسملة آية منها جعل السابعة (صِراطَ الَّذِينَ) إلى آخرها ، ومن لم يعدها آية منها جعل السابعة (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) إلى آخرها ، وسميت مثاني لأنها تثنى في الصلاة أي : تكرّر فيها بأن تقرأ في كل صلاة وفي كل ركعة وقول بعضهم تثنى في كل ركعة فيه تجوّز وهي مكية على قول الأكثر. وقال مجاهد : مدنية ، وقيل : نزلت مرّتين مرّة بمكة حين فرضت الصلاة ومرّة بالمدينة حين حوّلت القبلة ، ولذلك سميت مثاني. قال البغويّ : والأوّل أصح ، وقال البيضاويّ : وقد صح : أنها مكية بقوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) [الحجر ، ٨٧] وهو مكيّ بالنص ، انتهى. وأراد بالنص السنة فقد ثبت ذلك عن ابن عباس وقول الصحابي في القرآن خصوصا في النزول له حكم المرفوع والقرآن العظيم والنور والراقية وسورة الحمد والشكر والدعاء وتعليم المسألة لاشتمالها على ذلك ، وسورة المناجاة ، وسورة التفويض وفاتحة القرآن وأمّ الكتاب وسورة الحمد الأولى وسورة الحمد القصوى وسورة السؤال والصلاة لخبر : «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل ، يقول العبد : الحمد لله رب العالمين ، يقول الله : حمدني عبدي ، يقول العبد : الرحمن الرحيم ، يقول الله : أثنى عليّ عبدي ، يقول العبد : مالك يوم الدين ، يقول الله : مجدني عبدي ، يقول العبد : إياك نعبد وإياك نستعين ، يقول الله عزوجل : هذه الآية بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، يقول العبد : اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ، ولا الضالين ، يقول الله : فهؤلاء لعبدي ، ولعبدي ما سأل» (٢) ؛ ولأنها جزؤها فهو من باب تسمية جزء الشيء باسم كله.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (٧))
__________________
(١) أخرجه العجلوني في كشف الخفاء ١٨١٦.
(٢) أخرجه مسلم في الصلاة حديث ٣٩٥ ، والترمذي في التفسير حديث ٢٩٥٣.