كاف وعلى الرحيم تام.
الثانية : عدد حروف البسملة الرسمية تسعة عشر حرفا وعدد ملائكة خزنة النار تسعة عشر قال ابن مسعود : من أراد أن ينجيه الله تعالى من الزبانية فليقلها ليجعل الله تعالى له بكل حرف جنة ، أي : وقاية من واحد.
الثالثة : قال النسفيّ في «تفسيره» قيل : الكتب المنزلة من السماء إلى الدنيا مائة وأربعة : صحف شيث ستون ، وصحف إبراهيم ثلاثون وصحف موسى قبل التوراة عشرة ، والتوراة ، والإنجيل ، والزبور ، والفرقان ، وجميع كل الكتب مجموعة في الفاتحة ومعاني الفاتحة مجموعة في البسملة ومعانيها مجموعة في بائها ومعناها : بي كان ما كان وبي يكون ما يكون. زاد بعضهم ومعاني الباء في نقطتها وتخصيص التسمية بهذه الثلاثة التي هي الله والرحمن الرحيم ليعلم العارف أن المستحق لأن يستعان به في جميع الأمور هو المعبود الحقيقي الذي هو مولى النعم كلها عاجلها وآجلها جليلها وحقيرها فيتوجه العارف بجملته حرصا ومحبة إلى جناب القدس ويتمسك بحبل التوفيق ويشغل سره بذكره والاستمداد به عن غيره.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ) الحمد اللفظي لغة الثناء باللسان على الجميل الاختياري على قصد التبجيل ، أي : التعظيم ، سواء اتعلق بالفضائل وهي النعم القاصرة أم بالفواضل وهي النعم المتعدّية فدخل في الثناء الحمد وغيره وخرج باللسان الثناء بغيره كالحمد النفسي وبالجميل الثناء باللسان على غير الجميل ، إن قلنا برأي ابن عبد السّلام أن الثناء حقيقة في الخير والشرّ ، وإن قلنا برأي الجمهور وهو الظاهر أنه حقيقة في الخير فقط ففائدة ذلك تحقيق الماهية أو دفع توهم إرادة الجمع بين الحقيقة والمجاز عند من يجوزه وبالاختياري المدح ، فإنه يعمّ الاختياري وغيره ، تقول : مدحت اللؤلؤة على حسنها دون حمدتها ، وظاهر قول الزمخشريّ : الحمد والمدح أخوان أنهما مترادفان وبه صرّح في «الفائق» لكن الأوفق ما عليه الأكثر أنهما غير مترادفين بل متشابهان معنى أو اشتقاقا كبيرا ، والاشتقاق ثلاثة أقسام : كبير ، وأكبر ، وأصغر ، وقد يعبر عنه بالصغير ، فالكبير أن يشترك اللفظان في الحروف الأصول من غير ترتيب كالحمد والمدح ، والأكبر أن يشتركا في أكثر الحروف الأصول كالفلق ، والفلج ، والفلذ ، مع اتحاد في المعنى أو تناسب ، والأصغر أن يشتركا في الحروف الأصول المترتبة كضرب والضرب وبعلى قصد التبجيل ما كان على قصد الاستهزاء والسخرية نحو قوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدخان ، ٤٩] وتناول الظاهر والباطن إذ لو تجرّد الثناء على الجميل عن مطابقة الاعتقاد أو خالفه أفعال الجوارح ، لم يكن حمدا بل تهكم أو تمليح ، وهذا لا يقتضي دخول الجنان والأركان في التعريف لأنّ المطابقة وعدم المخالفة اعتبرا فيه شرطا لا شطرا وعرفا فعل ينبىء عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الحامد أو غيره سواء كان ذكرا باللسان أم اعتقادا ومحبة بالجنان أم عملا وخدمة بالأركان كما قيل :
أفادتكم النعماء مني ثلاثة |
|
يدي ولساني والضمير المحجبا |
فمورد اللغويّ : هو اللسان وحده ومتعلقه يعمّ النعمة وغيرها ، ومورد العرفي يعمّ اللسان وغيره ومتعلقه يكون النعمة وحدها ، فاللغويّ أعمّ باعتبار المتعلق وأخص باعتبار المورد ، والعرفي بالعكس ، والشكر لغة : هو الحمد عرفا وعرفا صرف العبد جميع ما أنعم الله تعالى به عليه من السمع وغيره إلى ما خلق لأجله ، والمدح لغة الثناء باللسان على الجميل مطلقا على جهة التعظيم ،