جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٢١) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٥) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧) وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩) وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٣٠) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١) وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٢) وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣))
(فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ) أي : بقوّتكم (وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) أي : بنصره إياكم بأن هزمهم لكم.
قال البيضاوي تبعا للزمخشريّ : والفاء جواب شرط محذوف تقديره : إن افتخرتم بقتلهم ، فلم تقتلوهم ولكنّ الله قتلهم ، اه. ورده ابن هشام بأنّ الجواب المنفي بلم لا تدخل عليه الفاء ، واختلف في سبب نزول قوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ) يا محمد (إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) على ثلاثة أقوال :
الأوّل : وهو قول أكثر المفسرين نزلت في يوم بدر ، وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما ندب إلى قتال بدر نزلوا بدرا ووردت عليهم روّاد قريش وفيهم أسلم غلام أسود لبني الحجاج وأبو يسار غلام لبني العاصي بن سعد ، فأتوا بهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال لهما : أين قريش؟ فقالا : هم وراء هذا الكثيب الذي بالعدوة القصوى الكثيب العقنقل ، وهو الكثيب العظيم المتداخل الرمل ، قاله الجوهريّ ، فقال لهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كم القوم؟» قالا : كثير ، قال : ما عدّتهم ، قالا : لا ندري ، قال : «كم ينحرون كل يوم؟» قالا : يوما عشرة ويوما تسعة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «القوم ما بين التسعمائة إلى الألف ، ثم قال لهما : «فمن فيهم من أشراف قريش؟» قالا : عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو البختري بن هشام وأبو جهل بن هشام وعدّا جماعة أخرى ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها» (١) فلما طلعت قريش من العقنقل قال عليه الصلاة والسّلام : «هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك اللهمّ إني أسألك ما وعدتني» فأتاه جبريل عليهالسلام ، وقال له : خذ قبضة من تراب فارمهم بها ، فلما التقى الجمعان قال لعليّ رضي الله عنه : «أعطني قبضة من حصباء الوادي» فرمى بها في وجوههم وقال : «شاهت الوجوه» (٢) أي : قبحت ، فلم يبق
__________________
(١) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٣ / ٤٣ ، وابن كثير في تفسيره ٤ / ١١ ، والبداية والنهاية ٣ / ٢٦٥.
(٢) أخرجه مسلم في الجهاد حديث ١٧٧٧ ، والدارمي في السير حديث ٢٤٥٢ ، وأحمد في المسند ١ / ٣٠٣ ، ٣٦٨ ، ٥ / ٢٨٦.