سورة النور
مدنية وهي ثنتان أو أربع وستون آية
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي تمت كلمته فبهرت قدرته (الرَّحْمنِ) الذي ظهرت الحقائق كلها بشمول رحمته (الرَّحِيمِ) الذي شرف من اختاره بخدمته قوله تعالى :
(سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢) الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠))
(سُورَةٌ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه سورة أي : عظيمة أو سورة أنزلناها ، مبتدأ موصوف والخبر محذوف أي : فيما أوحينا إليك سورة أنزلناها ، وقال الأخفش : لا يبعد الابتداء بالنكرة ، فسورة مبتدأ ، وأنزلناها خبره ، ثم رغب في امتثال ما فيها مبينا أن تنوينها للتعظيم بقوله تعالى : (أَنْزَلْناها) أي : بمالنا من العظمة وتمام العلم والقدرة (وَفَرَضْناها) أي : قدّرنا ما فيها من الحدود ، وقيل : أوجبناها عليكم وعلى من بعدكم إلى قيام الساعة ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بتشديد الراء لكثرة الفروض ، والباقون بالتخفيف (وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ) من الحدود والأحكام والمواعظ والأمثال وغيرها (بَيِّناتٍ) أي : واضحات الدلالة (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي : تتعظون ، وقرأ حفص وحمزة والكسائي بتخفيف الذال والباقون بالتشديد ، ثم إنه تعالى ذكر في السورة أحكاما كثيرة : الحكم الأول : قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) أي : غير المحصنين لرجمهما بالسنة وأل فيما ذكر موصولة وهو مبتدأ ولشبهه بالشرط دخلت الفاء في خبره وهو (فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) أي : ضربة يقال : جلده إذا ضرب جلده ، ويزاد على ذلك بالسنة تغريب عام ،