منهم ، وقرأ حمزة والكسائي وابن كثير الريح بالإفراد ، والباقون بالجمع ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو نشرا بضم النون والشين وابن عامر بضم النون وسكون الشين ، وحمزة والكسائي بفتح النون وسكون الشين وعاصم بالباء الموحدة مضمومة وسكون الشين.
ولما انكشف بما مضى من الآيات ما كانوا في ضلامه من واهي الشبهات واتضحت الأدلة ، ولم يبق لأحد في شيء من ذلك علة ، كرّر سبحانه وتعالى الإنكار في قوله تعالى (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) أي : الذي كمل علمه (تَعالَى اللهُ) أي : الفاعل القادر المختار (عَمَّا يُشْرِكُونَ) به غيره ، وأين رتبة العجز من رتبة القدرة.
الخامس : منها قوله تعالى :
(أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦٤) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٦٥) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ (٦٦) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٦٩) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (٧٠) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٧١) قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٧٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٧٤) وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٧٥) إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٧٦))
(أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) أي : كلهم في الأرحام من نطفة ما علمتم منهم وما لم تعلموا (ثُمَّ يُعِيدُهُ) أي : بعد الموت لأنّ الإعادة أهون ، فإن قيل : كيف قيل : لهم ثم يعيده؟ أجيب : بأنهم كانوا مقرين بالابتداء ودلالته على الإعادة ظاهرة قوية لأنّ الإعادة أهون عليه من الابتداء ، فلما كان الكلام مقرونا بالدلالة الظاهرة صاروا كأنهم لا عذر لهم في إنكار الإعادة لقيام البراهين عليها.
ولما كان الإمطار والإنبات من أدلّ ما يكون على الإعادة قال مشيرا إليهما على وجه عمّ جميع ما مضى.
(وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ) أي : بالمطر والحرّ والبرد وغيرها مما له سبب في التكوين أو التلوين (وَالْأَرْضِ) أي : بالنبات والمعادن والحيوان وغيرهما مما لا يعلمه إلا الله تعالى : وعبر عنها بالرزق لأنّ به تمام النعمة (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) أي : الذي له صفات الجلال والإكرام.
ولما كانت هذه كلها براهين ساطعة ودلائل قاطعة أمر الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم إعراضا عنهم بقوله تعالى : (قُلْ) أي : لهؤلاء المدّعين للعقول (هاتُوا بُرْهانَكُمْ) أي : حجتكم على نفي شيء من ذلك عن الله تعالى أو على إثبات شيء منه لغيره (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي : في أنكم على حق في أنّ مع الله تعالى غيره ، وأضاف تعالى البرهان إليهم تهكما بهم وتنبيها على أنهم أبعدوا في الضلال وأغرقوا في المحال.
ثم إنهم سألوه عن وقت قيام الساعة فنزل. (قُلْ) أي : لهم (لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الملائكة والناس (الْغَيْبَ) أي : ما غاب عنهم وقوله تعالى : (إِلَّا اللهُ) استثناء