المنزل من الله تعالى بالبعث والحساب والعقاب فيعاقبون على كفرهم به وبالجائي به ، وقيل : الضمير في أنه لدين الإسلام ، وقيل : لمحمد صلىاللهعليهوسلم (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ) أي : المحسن إليك بهذا البيان المعجز للأنس والجان شهادة بأن القرآن من عند الرحمن.
تنبيه : الباء زائدة للتأكيد كأنه قيل : أو لم تحصل الكفاية به ولا تكاد تزاد في الفاعل إلا مع كفى وقوله تعالى : (أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) بدل من ربك ، والمعنى : أولم يكفهم في صدقك أن ربك لا يغيب عنه شيء ما وقد شهد لك فيه بالإعجاز لجميع الخلق بكل ما تضمنته آياته ونطقت به كلماته ، ففيه أعظم بشارة بتمام الدين وظهوره على المعتدين.
ولما لم يبق بعد هذا التعنت مقال ولا شبهة أصلا لضال ، قال تعالى مناديا على من جحد واستمر على عناده : (أَلا إِنَّهُمْ) أي : هؤلاء الكفرة (فِي مِرْيَةٍ) أي : جحد وجدال وشك وضلال عن البعث (مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ) أي : المحسن إليهم بأن خلقهم ورزقهم لإنكارهم البعث ، ثم كرر كونه قادرا على البعث وغيره بقوله تعالى : (أَلا إِنَّهُ) أي : هذا المحسن إليهم (بِكُلِّ شَيْءٍ) أي : من الأشياء جملتها وتفصيلها كلياتها وجزئياتها أصولها وفروعها غيبتها وشهادتها ملكها وملكوتها (مُحِيطٌ) قدرة وعلما بكثير الأشياء وقليلها كلياتها وجزئياتها فيجازيهم بكفرهم ، وقول البيضاوي تبعا للزمخشري عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ السجدة أعطاه الله بكل حرف عشر حسنات» (١) حديث موضوع.
__________________
(١) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٢١٢.