الدلو العظيمة المملوءة ماء وفي الحديث «فأتى بذنوب من ماء» (١) فإن لم تكن ملأى فهي دلو ثم عبر به عن النصيب قال عمرو بن شاس (٢) :
وفي كل حيّ قد خبطت بنعمة |
|
فحق لشاس من نداك ذنوب |
قال الملك : نعم وأذنبه ، قال الزمخشري : وهذا تمثيل أصله في السقاة يتقسمون الماء فيكون لهذا ذنوب ولهذا آخر. قال الشاعر (٣) :
لكم ذنوب ولنا ذنوب |
|
فإن أبيتم فلنا القليب |
وقال الراغب الذنوب الدلو لذي له ذنب انتهى.
فراعى الاشتقاق والذنوب أيضا : الفرس الطويل الذنب ، وهو صفة على فعول والذنوب لحم أسفل المتن ويقال : يوم ذنوب أي طويل الشرّ استعارة من ذلك ويجمع في القلة على أذنبة وفي الكثرة على ذنائب (فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) أي تطلبوا أن آتيكم به قبل أوانه الأحق به ، فإنّ ذلك لا يفعله إلا ناقص وأنا متعال عن ذلك لا أخاف الفوت ولا يلحقني عجز ولا أوصف به ، ولا بدّ أن أوقعه بهم في الوقت الذي قضيت به في الأزل فإنه أحق الأوقات بعقابهم لتكامل ذنوبهم.
(فَوَيْلٌ) أي شدّة عذاب (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أي ستروا ما ظهر من هذه الأدلة التي لا يسع عاقلا إنكارها (مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) أضافه إليهم لأنه خاص بهم دون المؤمنين ، وهو يوم القيامة وقيل يوم بدر وحذف العائد لاستكمال شروطه أي يوعدونه ، وقرأ حمزة والكسائي في الوصل بضم الهاء والميم ، وأبو عمرو بكسر الهاء والميم والباقون بكسر الهاء وضم الميم وأما الوقف عليها فالجميع بكسر الهاء وما رواه البيضاوي تبعا للزمخشري من أنه صلىاللهعليهوسلم قال «من قرأ سورة الذاريات أعطاه الله تعالى عشر حسنات بعدد كل ريح هبت وجرت في الدنيا» (٤) حديث موضوع والله أعلم.
__________________
(١) انظر البخاري في الوضوء باب ٥٨ ، ومسلم في الطهارة حديث ٩٩ ، وأبو دود في الطهارة باب ١٣٦ ، والنسائي في الأشربة باب ٤٨ ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٨٢ ، ٣ / ١١١ ، ١٦٧.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لعلقمة الفحل في ديوانه ص ٤٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٤٠٠ ، والكتاب ٤ / ٤٧١ ، ولسان العرب (جنب) ، (شأس) ، (خبط) ، ومجالس ثعلب ص ٩٧.
(٣) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (ذنب) ، وتهذيب اللغة ١٤ / ٤٣٩ ، والمخصص ١٧ / ١٨ ، وكتاب العين ٨ / ١٩٠ ، وجمهرة اللغة ص ٣٠٦ ، وتاج العروس (ذنب).
(٤) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٤١٠.