سورة القمر
وتسمى اقتربت
مكية إلا (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) الآيات وهي خمس وخمسون آية وثلاثمائة واثنتان وأربعون كلمة وألف وأربعمائة وثلاثة وعشرون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) أي الذي أحاط علمه فتمت قدرته (الرَّحْمنِ) الذي وسعت رحمته كل شيء فعمت الشقي والسعيد نعمته (الرَّحِيمِ) الذي خص بإتمام نعمته من اصطفاه فأسعدتهم رحمته.
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣) وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (٥) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧))
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) دنت القيامة وفي أول هذه السورة مناسبة لآخر ما قبلها ، وهو قوله تعالى : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) [النجم : ٥٧] فكأنه أعاد ذلك مستدلا عليه بقوله تعالى : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) فهو حق إذ القمر انشق. وقوله تعالى : (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) ماض على حقيقته وهو قول عامّة المسلمين إلا من لا يلتفت إلى قوله وقد صح في الأخبار أنّ القمر انشق على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرّتين ، وعن ابن مسعود قال : «انشق القمر على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرقتين فرقة فوق الجبل وفرقة دونه فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم اشهدوا» (١) وروى أنس بن مالك أنّ أهل مكة سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما. وقال سنان عن قتادة : فأراهم انشقاق القمر مرتين. وقال أبو
__________________
(١) أخرجه البخاري في المناقب حديث ٣٦٣٦ ، ومسلم في القيامة حديث ٢٨٠٠ ، والترمذي في تفسير القرآن حديث ٣٢٨٥.