سورة الفتح
مكية وهي تسع وعشرون آية وخمسمائة وستون كلمة وألفان وأربعمائة وثمانية وثلاثون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) أي : المحيط بكل شيء قدرة وعلما (الرَّحْمنِ) الذي عم خلقه بنعمه (الرَّحِيمِ) الذي خص أهل وداده بمزيد فضله روى زيد بن أسلم عن أبيه أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كان يسير مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بعض أسفاره فسأله عمر عن شيء فلم يجبه. ثم سأله فلم يجبه قال عمر فحركت بعيري حتى تقدّمت أمام الناس وخشيت أن يكون نزل فيّ قرآن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي فجئت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسلمت عليه فقال : «لقد أنزلت عليّ الليلة سورة هي أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ» (١).
(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢) وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً (٣) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (٤) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً (٥) وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (٦) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (٧) إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٩))
(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ) أي : بما لنا من العظمة التي لا تثبت لها الجبال (فَتْحاً مُبِيناً) أي : لا لبس فيه على أحد. واختلفوا في هذا الفتح فروي عن أنس أنه فتح مكة. وقال مجاهد : فتح خيبر. والأكثرون على أنه صلح الحديبية. قال أنس : نزلت على النبيّ صلىاللهعليهوسلم (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ) إلى آخر الآية عند مرجعه من الحديبية وأصحابه مخالطو الحزن والكآبة فقال : «نزلت علي آية هي أحب إليّ من الدنيا جميعها» (٢) فلما تلاها نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم قال رجل من القوم هنيئا مريئا قد بين الله لك ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله تعالى : (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) [الفتح : ٥] حتى ختم الآية. وقيل : فتح الروم. وقيل : فتح الإسلام بالحجة والبرهان والسيف واللسان. وقيل :
__________________
(١) انظر البغوي في تفسيره ٤ / ٢٢١.
(٢) انظر البغوي في تفسيره ٤ / ٢٢١ ، ٢٢٢.