سورة الصف
مدنية في قول الأكثرين ، وذكر النحاس عن ابن عباس أنها مكية ، وهي أربع عشرة آية ومائتان وإحدى وعشرون كلمة وتسعمائة حرف.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الملك الأعظم الذي لا كفء له (الرَّحْمنِ) الذي عم بفضله كل أحد من خلقه (الرَّحِيمِ) الذي خص من شاء من عباده فهيأه لعبادته وأهله.
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (٣) إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (٤) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٥) وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦))
(سَبَّحَ لِلَّهِ) أي : أوقع التنزيه الأعظم للملك الأعظم (ما فِي السَّماواتِ) من جميع الملائكة وغيرها كالأفلاك والنجوم (وَما فِي الْأَرْضِ) كذلك من الآدميين وغيرهم كالشجر والثمار. وقيل : اللام مزيدة ، أي : نزه الله وأتى بما دون من ، قال الجلال المحلي : تغليبا للأكثر ا. ه.
فإن قيل : ما الحكمة في انه تعالى قال في بعض السور سبح لله بلفظ الماضي ، وفي بعضها يسبح بلفظ المضارع ، وفي بعضها فسبح بلفظ الأمر؟.
أجيب : بأن الحكمة في ذلك تعليم العبد أن يسبح الله تعالى على الدوام كما أن الماضي يدل عليه في الماضي من الزمان ، والمستقبل يدل عليه في المستقبل من الزمان ، والأمر يدل عليه في الحال فإن قيل : هلا قيل سبح لله السموات والأرض وما فيهما ، وهو أكثر مبالغة أجيب : بأن المراد بالسماء جهة العلو فيشمل السماء وما فيها ، وبالأرض جهة السفل فيشمل الأرض وما فيها (وَهُوَ) أي : وحده (الْعَزِيزُ) أي : الغالب على غيره أي شىء كان ذلك الغير ، ولا يمكن أن يغلب عليه غيره (الْحَكِيمُ) أي : الذي يضع الأشياء في أتقن مواضعها. روى الدرامي في مسنده قال : أنبأنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى ابن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال : قعدنا مع نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتذاكرنا ، فقلنا : لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله تعالى لعملناه ، فأنزل الله تعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)