بسم الله الرحمن الرحيم
سورة محمد صلىاللهعليهوسلم
مكية وتسمى القتال والذين كفروا وهي : ثمان وثلاثون آية ، وخمسمائة وتسع وثلاثون كلمة ، وألفان وثلثمائة وتسعة وأربعون حرفا.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(بِسْمِ اللهِ) الملك الأعظم الذي أقام جنده للذب عن حماه (الرَّحْمنِ) الذي عمت رحمته تارة بالبرهان ، وتارة بالسيف واللسان (الرَّحِيمِ) الذي خص حزبه بالحفظ في طريق الجنان. واختلف في قوله تعالى :
(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ (٢) ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ (٣) فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ (٥) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ (٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (٨) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٩) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها (١٠) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١))
(الَّذِينَ كَفَرُوا) من هم؟ فقيل : هم الذين كانوا يطعمون الجيش يوم بدر منهم أبو جهل والحارث ابنا هشام ، وعقبة ، وشيبة ابنا ربيعة ، وغيرهم ، وقيل : كفار قريش وقيل : أهل الكتاب وقيل : كل كافر لأنهم ستروا أنوار الأدلة وضلوا على علم (وَصَدُّوا) أي : امتنعوا بأنفسهم ، ومنعوا غيرهم لعراقتهم في الكفر ، (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي : الطريق الرحب المستقيم الذي شرعه الملك الأعظم ، (أَضَلَ) أي : أبطل إبطالا عظيما يزيل العين والأثر ، (أَعْمالَهُمْ) كإطعام الطعام ، وصلة الأرحام ، وفك الأسارى ، وحفظ الجوار ، وغير ذلك. فلا يرون لها في الآخرة ثوابا ويجزي عليها في الدنيا من فضله تعالى.
تنبيه : أوّل هذه السورة مناسب لآخر السورة المتقدمة.
ولما ذكر تعالى أهل الكفر معبرا عنهم بأدنى طبقاتهم ليشمل من فوقهم ، ذكر أضدادهم كذلك ؛ ليعمّ من كان منهم من جميع الفرق. بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) أي : أقرّوا بالإيمان