سورة المنافقين
مدنية وهي إحدى عشرة آية ، ومائة وثمانون كلمة وسبعمائة وستة وسبعون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي له الإحاطة العظمى علما وقدرة (الرَّحْمنِ) الذي ستر بعموم رحمته من أراد من عباده (الرَّحِيمِ) الذي وفق أهل وده لما يحبه ويرضاه.
(إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٣) وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥) سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٦) هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (٧) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨))
(إِذا جاءَكَ) يا أيها الرسول المبشر بك في التوراة والإنجيل ، وقرأ حمزة وابن ذكوان بالإمالة والباقون بالفتح ، وإذا وقف حمزة سهل الهمزة مع المد والقصر ، وله أيضا إبدالها ألفا مع المد والقصر (الْمُنافِقُونَ) أي : الغريقون في وصف النفاق ، وهم عبد الله ابن أبي ابن سلول وأصحابه (قالُوا) مؤكدين لأجل استشعارهم بتكذيب من يسمعهم لما عندهم من الارتياب (نَشْهَدُ) قال الحسن : هو بمنزلة اليمين كأنهم قالوا نقسم (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) أي : الملك الذي له الإحاطة الكاملة فوافقوا الحق بظاهر أحوالهم ، وخالفوا بقلوبهم وأفعالهم. وقوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ) أي : وعلمه هو العلم في الحقيقة ، وأكد سبحانه بحسب إنكار المنافقين فقال تعالى : (إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) سواء أشهد المنافقون بذلك أم لا فالشهادة حق ممن يطابق لسانه قلبه جملة معترضة بين قولهم : (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) وبين قوله تعالى : (وَاللهُ يَشْهَدُ) لفائدة.
قال الزمخشري : لو قال قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يشهد انهم لكاذبون ، لكان يوهم أن قولهم هذا كذب فوسط بينهما قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) ليميط هذا الإيهام