سورة التغابن
مدنية ، في قول الأكثرين ، وقال الضحاك : مكية ، وقال الكلبي : مدنية ومكية. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن سورة التغابن نزلت بمكة إلا آيات من آخرها نزلت بالمدنية في عوف بن مالك الأشجعي ، شكا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم جفاء أهله وولده ، فأنزل الله عزوجل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ) إلى آخرها ، وهي ثماني عشرة آية ، ومائتان وإحدى وأربعون كلمة ، وألف وسبعون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) مالك الملك فلا كفء له ولا مثيل (الرَّحْمنِ) أي : الذي وسع الخلائق بره الجليل (الرَّحِيمِ) الذي خص من عمه فوفقهم للجميل.
(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٥) ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦) زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧) فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٠))
(يُسَبِّحُ) أي : يوقع التنزيه التامّ مع التجديد والاستمرار (لِلَّهِ) أي : الذي له الإحاطة بأوصاف الكمال (ما فِي السَّماواتِ) أي : كلها (وَما فِي الْأَرْضِ) كذلك ، وقيل : اللام زائدة ، أي : ينزه الله تعالى ، قال الجلال المحلي : وأتى بما دون من تغليبا للأكثر (لِلَّهِ) أي : وحده (الْمُلْكُ) أي : كله مطلقا في الدنيا والآخرة (وَلَهُ) أي : وحده (الْحَمْدُ) أي : الإحاطة بأوصاف الكمال كلها ، فلذلك نزهه جميع مخلوقاته وقدّم الظرفين ليدل بتقديمهما على معنى اختصاص الملك والحمد بالله تعالى ، وذلك بأنّ الملك على الحقيقة له ، لأنه مبدئ كل شيء ومبدعه ، والقائم به والمهيمن عليه ، وكذا الحمد لأنّ أصول النعم وفروعها منه وأما ملك غيره فتسليط منه