سورة التحريم
مكية ، وهي اثنتا عشرة آية ، ومائتان وأربعون كلمة وألف وستون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي له الكمال كله على الدوام (الرَّحْمنِ) الذي عم عباده بعظيم الإنعام (الرَّحِيمِ) الذي أتم على خواصه نعمة الإسلام.
واختلف في سبب نزول قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣) إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (٤))
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ) أي الذي لا أمر لأحد معه (لَكَ) فقالت عائشة : «إن النبي صلىاللهعليهوسلم كان عند زينب بنت جحش ، فشرب عندها عسلا ، قالت : فتواطيت أنا وحفصة أنّ آيتنا دخل عليها النبي صلىاللهعليهوسلم فلتقل : إني أجد منك ريح مغافير ، فدخل على إحداهما فقالت له ذلك ، فقال : بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له فنزل (لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) إلى قوله تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ) لعائشة وحفصة» (١) وعنها أيضا قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحب الحلوى والعسل ، فكان إذا صلى العصر دار على نسائه فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس ، فسألت عن ذلك فقيل لي : أهدت إليها امرأة من قومها عكة عسل فسقت رسول الله صلىاللهعليهوسلم منه شربة ، فقلت : أما والله لنحتالن له فذكرت ذلك لسودة ، وقلت لها : إذا دخل عليك فإنه سيدنو منك فقولي له : يا رسول الله أكلت مغافير ، فإنه سيقول لك : لا ، فقولي : ما هذه الريح ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح فإنه سيقول لك : سقتني حفصة شربة عسل ، فقولي له : جرست نحله العرفط ، وسأقول ذلك له وقولي أنت يا صفية ذلك. فلما دخل على سودة قالت سودة : والله الذي لا إله غيره لقد كدت أن أبادئه بالذي قلت وإنه لعلى الباب فرقا منك ، فلما
__________________
(١) أخرجه البخاري في الطلاق حديث ٥٢٦٧ ، ومسلم في الطلاق حديث ١٤٧٤ ، وأبو داود في الأشربة حديث ٣٧١٤ ، والنسائي في الطلاق حديث ٣٤٢١.