سورة ن وتسمى القلم
مكية ، في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر ، وقال ابن عباس وقتادة رضي الله عنهم : من أولها إلى قوله تعالى : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) مكي ، ومن بعد ذلك إلى قوله تعالى : (يَعْلَمُونَ) مدني ، ومن بعد ذلك إلى قوله تعالى : (فَهُمْ يَكْتُبُونَ) مكي ، ومن بعد ذلك إلى قوله تعالى : (مِنَ الصَّالِحِينَ) مدني ، وباقيها مكي ، قاله الماوردي.
وهي اثنتان وخمسون آية ، وثلاثمائة كلمة ، وألف ومائتان وستة وخمسون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) أي : الذي له الإحاطة الكاملة فهو بكل شيء عليم (الرَّحْمنِ) الذي عمت نعمة إيجاده لأهل معاده البريء منهم والسقيم (الرَّحِيمِ) الذي أتم تلك النعمة على من وفقه لطاعته فألزمه صراطه المستقيم. وقوله تعالى :
(ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (١) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧) فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩) وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦))
(ن) كقوله تعالى : (ص وَالْقُرْآنِ) [ص : ١] وجواب القسم الجملة المنفية بعدها.
واختلفوا في تفسير ذلك ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : هو الحوت الذي على ظهره الأرض وهو قول مجاهد ومقاتل والسدّي والكلبي ، وروى أبو ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : «أول ما خلق الله تعالى القلم فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة ، ثم خلق النون فبسط الأرض على ظهره فتحرك النون فمادت الأرض فأثبتت بالجبال ، فإن الجبال لتفخر على الأرض ، ثم قرأ ابن عباس : (ن) الآية» (١).
واختلفوا في اسمه فقال الكلبي ومقاتل : يهموت ، وقال الواقدي : ليوثا ، وقال كعب : لوثا ، وقال علي : تلهوت ، وقال الرواة : لما خلق الله تعالى الأرض وفتقها بعث من تحت العرش ملكا فهبط إلى الأرض حتى دخل تحت الأرضين حتى ضبطها فلم يكن لقدميه موضع قرار فأهبط الله عز
__________________
(١) انظر الطبري في تفسيره ٢٩ / ١٤.