سورة المعارج
مكية ، وهي أربع وأربعون آية ، ومائتان وست عشرة كلمة ، وألف وأحد وستون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ ،) أي : الذي تنقطع الأعناق والآمال دون عليائه (الرَّحْمنِ) الذي لا مطمع لأحد في حصر أوصافه (الرَّحِيمِ) الذي اصطفى من عباده من وفقه فكان من أوليائه.
(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (١) لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ (٢) مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ (٣) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤) فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (٥) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (٦) وَنَراهُ قَرِيباً (٧) يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ (٩) وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤) كَلاَّ إِنَّها لَظى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوى (١٦) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعى (١٨))
(سَأَلَ سائِلٌ) أي : دعا داع (بِعَذابٍ واقِعٍ) فضمن سأل معنى دعا ، فلذلك عدى تعديته ، وقيل : الباء بمعنى عن كقوله تعالى : (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) [الفرقان : ٥٩] ، أي : عنه ، أي : سأل سائل عن عذاب واقع ، والأول أولى لأن التجوز في الفعل أولى منه في الحرف لقوّته.
واختلف في هذا الداعي فقال ابن عباس رضي الله عنهما : هو النضر بن الحارث حيث قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فنزل سؤاله وقتل يوم بدر صبرا هو وعتبة بن أبي معيط لم يقتل صبرا غيرهما ، وقيل : هو الحارث بن النعمان ، وذلك «أنه لما بلغه قول النبي صلىاللهعليهوسلم في عليّ : من كنت مولاه فعليّ مولاه ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ، ثم قال : يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه وأن نصلي خمسا ونزكي أموالنا فقبلناه منك ، وأن نصوم شهر رمضان في عام فقبلناه منك وأن نحج فقبلناه منك ثم لم ترض حتى فضلت ابن عمك علينا ، أفهذا شيء منك أم من الله تعالى؟ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «والذي لا إله إلا هو ما هو إلا من الله» فولى الحارث وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فو الله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله تعالى بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله فنزلت (١).
وقال الربيع : هو أبو جهل ، وقيل : إنه قول جماعة من كفار قريش ، وقيل : هو نوح عليه
__________________
(١) انظر القرطبي في تفسيره ١٨ / ٢٧٩.