سورة الجن
وتسمى سورة قل أوحي
مكية وهي ثمان وعشرون آية ، ومائتان وخمس وثمانون كلمة ، وثمانمائة وسبعون حرفا
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) المحيط بالكمال (الرَّحْمنِ) الذي عمّ برحمته الناس بالإرسال (الرَّحِيمِ) الذي خص من بين أهل الدعوة من شاء بمحاسن الأعمال.
ولما كان نوح عليهالسلام أوّل رسول أرسله الله تعالى إلى المخالفين من أهل الأرض ، وكان نبينا صلىاللهعليهوسلم خاتم النبيين فهو آخر رسول بعثه الله تعالى إلى أهل الأرض وغيرهم ناسب ذكره بعد نوح ، فقال تعالى لنبيه محمد صلىاللهعليهوسلم :
(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (٢) وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (٣) وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً (٤) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً (٥) وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (٦) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً (٧) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (٩) وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (١٠) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً (١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣))
(قُلْ) أي : يا أشرف الرسل للناس (أُوحِيَ إِلَيَ) وقال ابن عباس : قل يا محمد لأمّتك : أوحي إليّ على لسان جبريل (أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) والنفر الجماعة ما بين الثلاثة إلى العشرة قال البغوي : وكانوا تسعة من جنّ نصيبين ، وقيل : كانوا سبعة وفي هذه العبارة دليل على أنه صلىاللهعليهوسلم ما رآهم ولا قرأ عليهم ، وإنما اتفق حضورهم عند قراءته ففي صحيح مسلم عن ابن عباس قال : «انطلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسل عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا ما لكم؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب فقالوا : ما ذاك إلا من شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض