سورة المزمل
مكية ، في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إلا آيتين منها (وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) والتي تليها ذكره الماوردي ، وقال الثعلبي : (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ) إلى آخر السورة فإنه نزل بالمدينة.
وهي تسع عشرة أو عشرون آية ، ومائتان وخمس وثمانون كلمة ، وثمانمائة وثمانية وثلاثون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي من توكل عليه كفاه في جميع الأحوال (الرَّحْمنِ) الذي عمّ بنعمة الإيجاد المهتدي والضال (الرَّحِيمِ) الذي خص حزبه بالسداد في الأفعال والأقوال. وقوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥) إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً (٦) إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً (٧) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (٨) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً (٩))
(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) أصله : المتزمل فأدغمت التاء في الزاي ، يقال : ازمّل يتزمّل تزمّلا ، فإذا أريد الإدغام اجتلبت همزة الوصل ، وهذا الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم. وفيه ثلاثة أقوال : الأول : قال عكرمة : يا أيها المزمّل بالنبوّة والملتزم للرسالة ، وعنه : يا أيها الذي أزمل هذا الأمر ، أي : حمله ثم فتر. والثاني : قال ابن عباس رضي الله عنهما : يا أيها المزمّل بالقرآن. والثالث : قال قتادة رضي الله عنه : يا أيها المزمّل بثيابه. قال النخعي : كان متزملا بقطيفة عائشة بمرط طوله أربعة عشر ذراعا قالت عائشة رضي الله عنها : «كان نصفه عليّ وأنا نائمة ونصفه على النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهو يصلي والله ما كان خزا ولا قزا ولا مرعزى ولا إبريسما ولا صوفا كان سداه شعرا ولحمته وبرا» (١). ذكره الثعلبي ، ولحمة الثوب بفتح اللام وضمها والفتح أفصح ولحمة النسب كذلك والضم أفصح ولحمة البازي بالضم لا غير لأنها كاللقمة.
قال القرطبي : وهذا القول من عائشة رضي الله عنها يدل على أنّ السورة مدنية ، فإن النبيّ صلىاللهعليهوسلم لم يبن بها إلا بالمدينة ، والقول بأنها مكية لا يصح. وقال الضحاك : تزمل لمنامه وقيل : بلغه
__________________
(١) انظر القرطبي في تفسيره ١٢ / ١٢٧.