وهي بفتح الراء وسكون القاف الأثر الذي في بطن عضد الحمار ـ وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبر القوم ، ثم قال : فثلث أهل الجنة فكبروا ، ثم قال : شطر أهل الجنة فكبروا» (١) وفي هذا إشارة إلى الاعتناء بهم لأنّ إعطاء الإنسان مرّة بعد مرّة دليل على الاعتناء به ودوام ملاحظته ، وفي هذا أيضا حملهم على تجديد شكر الله تعالى وحمده على إنعامه عليهم وهو تكبيرهم لهذه البشارة العظيمة.
ثم وصف هول ذلك اليوم بقوله تعالى : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ) أي : ذات انفطار أي : انشقاق (بِهِ) أي : بسبب ذلك اليوم لشدّته فالباء سببية ، وجوّز الزمخشري أن تكون للاستعانة فإنه قال : والباء في به مثلها في قولك فطرت العود بالقدوم فانفطر به. وقال القرطبي : معنى به أي : فيه أي : في ذلك اليوم. وقيل : به أي : بالأمر أي : السماء منفطر بما يجعل الولدان شيبا ، وقيل : منفطر بالله أي : بأمره.
تنبيه : إنما لم تؤنث الصفة لوجوه ، منها : قال أبو عمرو بن العلاء : لأنها بمعنى السقف تقول هذا سماء البيت قال تعالى : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) [الأنبياء : ٣٢]. ومنها أنها على النسبة أي : ذات انفطار ، نحو امرأة مرضع وحائض أي : ذات إرضاع وذات حيض. ومنها أنها تذكر وتؤنث أنشد الفراء (٢) :
فلو رفع السماء إليه قوما |
|
لحقنا بالسماء وبالسحاب |
ومنها : أنه اسم جنس يفرق بينه وبين واحده بالتاء فيقال : سماءة واسم الجنس يذكر ويؤنث ولهذا قال أبو علي الفارسي : هو كقوله تعالى (مُنْتَشِرٌ) [القمر : ٧] و (أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) [القمر : ٢٠] يعني : فجاء على أحد الجائزين ، أو لأنّ تأنيثها ليس بحقيقي وما كان كذلك جاز تذكيره. قال الشاعر (٣) :
... والمها |
|
بالإثمد الحبري مكحول |
والضمير في قوله تعالى : (كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) يجوز أن يكون لله وإن لم يجر له ذكر للعلم به فيكون المصدر مضافا لفاعله ، ويجوز أن يكون لليوم فيكون مضافا لمفعوله والفاعل وهو الله تعالى مقدّر. قال المفسرون : كان وعده بالقيامة والحساب والجزاء مفعولا كائنا لا شك فيه ولا خلف. وقال مقاتل : كان وعده بأن يظهر دينه على الدين كله.
(إِنَّ هذِهِ) أي : الآيات الناطقة بالوعيد الشديد أو السورة (تَذْكِرَةٌ) أي : تذكير عظيم هو أهل لأن يتعظ به ، ويعتبر به المعتبر ولا سيما ما ذكر فيها لأهل الكفر من العذاب.
__________________
(١) أخرجه البخاري في تفسير القرآن حديث ٤٧٤١ ، ومسلم في الإيمان حديث ٢٢٢.
(٢) البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في لسان العرب (سما) ، والمذكر والمؤنث للأنباري ص ٣٦٧ ، والمذكر والمؤنث للفراء ص ١٠٢ ، والمخصص ١٧ / ٢٢.
(٣) يروى البيت بتمامه بلفظ :
إذ هي أحوى من الربعي حاجبه |
|
والعين بالإثمد الحاريّ مكحول |
والبيت من البسيط ، وهو لطفيل الغنوي في ديوانه ص ٥٥ ، والإنصاف ٢ / ٧٧٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٨٧ ، والكتاب ٢ / ٤٦ ، ولسان العرب (صرخد).