سورة عم يتساءلون
وتسمى سورة النبأ مكية وهي أربعون أو إحدى وأربعون آية ومائة وثلاثة وسبعون كلمة وسبعمائة وسبعون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي له الملك كله (الرَّحْمنِ) الذي عم الوجود بفضله (الرَّحِيمِ) الذي تمحضت أولياؤه جنته. وقوله تعالى :
(عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣) كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٥) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧) وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (٨) وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (٩) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً (١١) وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (١٢) وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (١٣) وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (١٤) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً (١٦) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (١٨) وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠) إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢) لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣) لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً (٢٦) إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً (٣٠))
(عَمَ) أصله عن ما على أنه حرف جر دخل على ما الاستفهامية وأدغمت النون في الميم وحذفت ألف ما ، كقوله فيم واستعمال الأصل قليل. ومنه قول حسان (١) :
على ما قام يشتمني لئيم |
|
كخنزير تمرّغ في رماد |
ومعنى هذا الاستفهام تفخيم الشأن كأنه قال عن أي شيء (يَتَساءَلُونَ ،) ونحوه قولك : زيد ما زيد جعلته لانقطاع قرينه وعدم نظيره كأنه شيء خفي عليك ، فأنت تسأل عن جنسه وتفحص عن جوهره كما تقول : ما الغول ، وما العنقاء تريد أي شيء هو من الأشياء. هذا أصله ، ثم جرد للعبارة عن التفخيم حتى وقع في كلام من لا تخفى عليه خافية ، ولذا لما وقف البزي ألحق الميم هاء
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص ٣٢٤ ، والأزهية ص ٨٦ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٣٠ ، والدرر ٦ / ٣١٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٤٥ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٢٤ ، ولسان العرب (قوم) ، والمحتسب ٢ / ٣٤٧ ، ولحسان بن منذر في شرح شواهد الإيضاح ص ٢٧١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٠٩ ، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٤٠٤ ، وشرح المفصل ٤ / ٩.