سورة عبس
مكية ، وتسمى سورة السفرة وهي اثنان وأربعون آية ومائة وثلاثون كلمة وثلاثمائة وثلاثون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الواحد القهار (الرَّحْمنِ) الذي عمّ بإنعامه الأبرار والفجار (الرَّحِيمِ) الذي خص أولياءه برحمته في دار القرار.
(عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (٢) وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (٤) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (٧) وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (٨) وَهُوَ يَخْشى (٩) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠) كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ (١٦) قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (٢٧) وَعِنَباً وَقَضْباً (٢٨) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (٢٩) وَحَدائِقَ غُلْباً (٣٠) وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٢))
(عَبَسَ) أي : كلح وجهه النبي صلىاللهعليهوسلم (وَتَوَلَّى) أي : أعرض بوجهه لأجل (أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) وهو ابن أمّ مكتوم وأم مكتوم أمّ أبيه واسمها عاتكة بنت عامر بن مخزوم ، واسمه عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بني عامر بن لؤيّ ، وذلك أنه جاءه وعنده صناديد قريش عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام ، والعباس بن عبد المطلب ، وأمية بن خلف ، والوليد بن المغيرة يدعوهم إلى الإسلام رجاء أن يسلم أولئك الأشراف الذين كان يخاطبهم فيتأيد بهم الإسلام ويسلم بإسلامهم أتباعهم ، فتعلو كلمة الله تعالى ، فقال : يا رسول الله ، أقرئني وعلمني مما علمك الله تعالى وكرّر ذلك وهو لا يعلم تشاغله بالقوم ، فكره رسول الله صلىاللهعليهوسلم قطعه لكلامه وعبس وأعرض عنه ، وقال في نفسه : يقول هؤلاء الصناديد : إنما اتبعه العميان والعبيد والسفلة فعبس وجهه وأعرض عنه وأقبل على القوم الذين يكلمهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد ذلك يكرمه ، وإذا رآه قال : «مرحبا بمن عاتبني فيه ربي» ، ويبسط له رداءه ويقول له : «هل لك حاجة؟» (١)
__________________
(١) أخرجه القرطبي في تفسيره ١٩ / ٢١٣ ، وابن كثير في تفسيره ٤ / ٥٥٦ ، والبغوي في تفسيره ٥ / ٢٠٩ ـ ٢١٠.