سورة التكوير
مكية ، وهي تسع وعشرون آية ومائة وأربع كلمات وأربعمائة وأربعة وثلاثون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي أحاط علمه بالكائنات (الرَّحْمنِ) الذي عمّ وجوده سائر البريات (الرَّحِيمِ) الذي خص حزبه بنعيم الجنات.
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢) وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ (٤) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥) وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ (٦) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧) وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠) وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (١٤) فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١))
واختلف في معنى قوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ) أي : التي هي أعظم آيات السماء الظاهرة وأوضحها للحس (كُوِّرَتْ) فقال ابن عباس : أظلمت. وقال قتادة : ذهب ضوءها. وقال سعيد بن جبير : غوّرت. وقال مجاهد : اضمحلت. وقال الزجاج : لفت كما تلف العمامة ، يقال : كورت العمامة على رأسي أكوّرها كورا ، وكورتها تكويرا إذا لففتها ، وأصل التكوير جمع بعض الشيء إلى بعض ، فمعناه أنّ الشمس يجمع بعضها إلى بعض ، ثم تلف ، فإذا فعل بها ذلك ذهب ضوءها. قال ابن عباس : يكوّر الله تعالى الشمس والقمر والنجوم يوم القيامة في البحر ، ثم يبعث عليها ريحا دبورا فتضرمها فتصير نارا. وعن أبي هريرة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «الشمس والقمر يكوّران يوم القيامة» (١).
تنبيه : ارتفاع الشمس على الفاعلية ورافعها فعل مضمر يفسره كوّرت ؛ لأن إذا تطلب الفعل لما فيها من معنى الشرط.
(وَإِذَا النُّجُومُ) أي : كلها كبارها وصغارها (انْكَدَرَتْ) أي : انقضّت وتساقطت على الأرض.
قال تعالى : (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) والأصل في الانكدار الانصباب.
__________________
(١) أخرجه البخاري في بدء الخلق حديث ٣٢٠٠ ، والتبريزي في مشكاة المصابيح ٥٥٢٦ ، والسيوطي في الدر المنثور ٦ / ٣١٨.