سورة المطففين
مدنية ، في قول الحسن وعكرمة ومقاتل.
قال مقاتل : وهي أوّل سورة نزلت بالمدينة ، وقال ابن عباس وقتادة : مدنية إلا ثمان آيات وهي قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) إلى آخرها فهو مكيّ. وقال الكلبي وجابر بن زيد نزلت بين مكة والمدينة ، ولعل هذا هو سبب الاختلاف وقال ابن مسعود والضحاك : مكية.
وهي ست وثلاثون آية وتسع وتسعون كلمة وسبعمائة وثمانون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي من توكل عليه كفاه (الرَّحْمنِ) الذي عمّ جوده الأبرار والعصاة (الرَّحِيمِ) الذي خص أهل طاعته بهداه.
(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦) كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧) وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (٨) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧))
(وَيْلٌ) مبتدأ ، وسوغ الابتداء به كونه دعاء ، وهو إمّا كلمة عذاب أو هلاك ثابت عظيم في كل حال من أحوال الدنيا والآخرة ، أو واد في جهنم. وقوله تعالى : (لِلْمُطَفِّفِينَ) خبره ، والتطفيف البخس في الكيل والوزن ؛ لأنّ ما يبخس شيء طفيف حقير. قال الزجاج : وإنما قيل للذي ينقص المكيال والميزان : مطفف لأنه لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف.
وروى ابن عباس أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قدم المدينة ، وكانوا من أبخس الناس كيلا فنزلت فأحسنوا الكيل ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقرأها عليهم وقال : «خمس بخمس» قيل : يا رسول الله ما خمس؟ قال : «ما نقض قوم العهد إلا سلط الله تعالى عليهم عدوّهم ، ولا حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر ، ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ، ولا طففوا المكيال إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم المطر» (١). وقال : السدي : قدم رسول
__________________
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١١ / ٤٥ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٥ / ٦٣ ، والمنذري في الترغيب والترهيب ١ / ٥٤٤ ، والسيوطي في الدر المنثور ٦ / ٣٢٤ ، والقرطبي في تفسيره ١٩ / ٢٥٣.