سورة البروج
مكية ، وهي اثنتان وعشرون آية ومائة وتسع كلمات وأربعمائة وثمانية وخمسون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي أحاط علمه بالكائنات (الرَّحْمنِ) الذي عمّ جوده سائر المخلوقات (الرَّحِيمِ) الذي خص أهل السعادة بالجنات.
(وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (٣) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (١٠) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (١١))
وقوله تعالى : (وَالسَّماءِ) أي : العالية غاية العلوّ ، المحكمة غاية الإحكام (ذاتِ الْبُرُوجِ) قسم أقسم الله تعالى به ، وتقدّم الكلام على ذلك مرارا ، وفي البروج أقوال : فقال مجاهد : هي البروج الاثنا عشر ، شبهت بالقصور ؛ لأنها تنزلها السيارات. وقال الحسن : هي النجوم ، وقيل : هي منازل القمر. وقال عكرمة : هي قصور في السماء. وقيل : عظام الكواكب سميت بروجا لظهورها. وقيل : أبواب السماء.
وقوله تعالى : (وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) قسم آخر وهو يوم القيامة. قال ابن عباس : وعد أهل السماء وأهل الأرض أن يجتمعوا فيه.
واختلفوا في قوله سبحانه وتعالى : (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) فقال أبو هريرة وابن عباس : الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة. وروى مرفوعا : «اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة» (١) خرّجه الترمذي في جامعه. قال القشيري : فيوم الجمعة يشهد على عامله بما عمل فيه. قال القرطبي : وكذا سائر الأيام والليالي لما روى أبو نعيم الحافظ عن معاوية أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «ليس من يوم يأتي على العبد إلا ينادى فيه يا ابن آدم أنا خلق جديد ، وأنا فيما تعمل عليك شاهد ، فاعمل فيّ خيرا أشهد لك به غدا فإني إذا مضيت لم ترني أبدا ، ويقول الليل
__________________
(١) أخرجه الترمذي حديث ٣٣٣٩ ، والطبراني في المعجم الكبير ٣ / ٣٣٨ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٤ / ١٧٠ ، والتبريزي في مشكاة المصابيح ١٣٦٢ ، والطبري في تفسيره ٣٠ / ٨٢.