سورة الطارق
مكية ، وهي سبع عشرة آية واثنتان وسبعون كلمة ومائتان وإحدى وسبعون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) مالك الخلق أجمعين (الرَّحْمنِ) الذي عمّ جوده المؤمنين والكافرين (الرَّحِيمِ) الذي خص رحمته بعباده المؤمنين.
(وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٤) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧) إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ (٩)فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ (١٠) وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (١٢) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (١٥) وَأَكِيدُ كَيْداً (١٦) فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (١٧))
وقوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ) قسم أقسم الله تعالى به ، وقد أكثر الله تعالى في كتابه العزيز ذكر السماء والشمس والقمر ؛ لأنّ أحوالها في أشكالها وسيرها ومطالعها ومغاربها عجيبة.
ولما كان الطارق يطلق على غير النجم أبهمه أوّلا ، ثم عظم القسم به بقوله تعالى : (وَما أَدْراكَ) أي : أعلمك يا أشرف خلقنا ، وإن حاولت معرفة ذلك وبالغت في الفحص عنه (مَا الطَّارِقُ) وهذا مبتدأ وخبر في محل المفعول الثاني لأدري ، وما بعد ما الأولى خبرها ، وفيه تعظيم لشأن الطارق. وأصله كل آت ليلا ومنه النجوم لطلوعها ليلا. وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وشعبة وابن ذكوان بخلاف عنه بالإمالة محضة ، وقرأ ورش بين اللفظين والباقون بالفتح.
ثم فسر الطارق بقوله تعالى : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) أي : المضيء لثقبه الظلام بضوئه فينفذ فيه كما قيل : درّيّ لأنه يدرؤه ، أي : يدفعه ، والمراد جنس النجوم أو جنس الشهب التي يرجم بها. وقال محمد ابن الحسين : هو زحل. وقال ابن زيد : هو الثريا. وقال ابن عباس رضي الله عنهما : هو الجدي. وقال عليّ : هو نجم في السماء السابعة لا يسكنها غيره من النجوم فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء هبط فكان معها ، ثم يرجع إلى مكانه من السماء السابعة فهو طارق حين ينزل وحين يرجع.
وفي الصحاح : الطارق النجم الذي يقال له : كوكب الصبح. قال الماوردي : وأصل الطرق الدق ، ومنه سميت المطرقة ، وسمي النجم طارقا لأنه يطرق الجني أي : يقتله. روي أنّ أبا طالب أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم بخبز ولبن فبينما هو جالس يأكل إذا انحط نجم فامتلأت الأرض نورا ففزع أبو طالب ، وقال : أيّ شيء هذا؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا نجم رمي به وإنه آية من آيات الله تعالى»