سورة الأعلى
مكية ، في قول الجمهور وقال الضحاك مدنية ، قال النووي : وكان النبيّ صلىاللهعليهوسلم يحييها لكثرة ما اشتملت عليه من العلوم والخيرات ، وهي تسع عشرة آية واثنتان وسبعون كلمة ومائتان وأربعة وثمانون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) عالم الغيب فلا تخفى عليه خافية (الرَّحْمنِ) الذي عمّ جوده كل أنس وجنّ وملك ودابة (الرَّحِيمِ) الذي خص أولياءه بمعرفتهم إحسانه.
(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (٥) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (٧) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (١٣) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٧) إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٨) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى (١٩))
واختلف في قوله سبحانه وتعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) فالأكثرون على أن المعنى : نزه ربك المحسن إليك بعد إيجادك على صفة الكمال عما لا يليق به ، فاسم زائد ، كقول لبيد (١) :
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما
وقيل : عظّم ربك (الْأَعْلَى) والاسم زائد كما مرّ ، قصد به تعظيم المسمى ، وذكر الطبري أن المعنى : نزه اسم ربك الأعلى عن أن تسمي به أحدا سواه. وقيل : نزه تسمية ربك وذكرك إياه أن تذكره إلا وأنت خاشع معظم لذكره وقال الرازي : معنى (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) أي : نزّهه عن كل ما لا يليق به في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه. أما في ذاته فأن تعتقد أنها ليست من الجواهر والأعراض ، وأما في صفاته فأن تعتقد أنها ليست محدثة ولا متناهية ولا ناقصة ، وأما في أفعاله فأن تعتقد أنه سبحانه مالك مطلق لا اعتراض لأحد عليه في أمر من الأمور ، وأما في أسمائه فأن لا تذكره سبحانه إلا بالأسماء التي لا توهم نقصا بوجه من الوجوه ، سواء ورد الإذن
__________________
(١) عجزه :
ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
والبيت من الطويل ، وهو في ديوان لبيد ص ٢١٤ ، والأشباه والنظائر ٧ / ٩٦ ، والأغاني ١٣ / ٤٠ ، وبغية الوعاة ١ / ٤٢٩ ، والخصائص ٣ / ٢٩.