سورة الغاشية
مكية بالإجماع ، وهي ست وعشرون آية واثنان وتسعون كلمة وثلاثمائة وإحدى وثمانون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) علام الغيوب (الرَّحْمنِ) كاشف الكروب (الرَّحِيمِ) الذي خص أولياءه بالعفو عن الذنوب.
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (٢) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (٣) تَصْلى ناراً حامِيَةً (٤) تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (١٠) لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١) فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ (١٢) فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦) أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠) فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (٢٦))
وقوله سبحانه وتعالى : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) فيه وجهان : أحدهما : أنّ هل بمعنى قد ، أي : قد جاءك يا أشرف الخلق حديث الغاشية ، كقوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) [الإنسان : ١]. قال قطرب : والثاني : أنه استفهام على حاله ، وتسميه أهل البيان التشويق ، والمعنى : إن لم يكن أتاك حديث الغاشية فقد أتاك وهو معنى قول الكلبي ، والغاشية : الداهية التي تغشى الناس بشدائدها وتلبسهم أهوالها وهي القيامة من قوله : (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ) [العنكبوت : ٥٥] وقيل : هي النار من قوله تعالى : (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) [إبراهيم : ٥٠](وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) [الأعراف : ٤١]. وقيل : المراد النفخة الثانية للبعث لأنها تغشى الخلق. وقيل : الغاشية أهل النار يغشونها ويقتحمون فيها.
(وُجُوهٌ ،) أي : كثيرة جدّا كائنة (يَوْمَئِذٍ ،) أي : يوم إذ غشيت (خاشِعَةٌ ،) أي : ذليلة من الخجل والفضيحة والخوف من العذاب ، والمراد بالوجوه في الموضعين : أصحابها.
(عامِلَةٌ ناصِبَةٌ ،) أي : ذات نصب وتعب. قال سعيد بن جبير عن قتادة : تكبرت في الدنيا عن طاعة الله تعالى فأعملها الله تعالى وأنصبها في النار بجرّ السلاسل الثقال وحمل الأغلال ،