سورة البلد
مكية ، وهي عشرون آية واثنان وثمانون كلمة وثلاثمائة وعشرون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الملك الذي لا راد لأمره (الرَّحْمنِ) الذي عم سائر خلقه بفضله (الرَّحِيمِ) الذي خص أهل طاعته بجنته.
(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠) فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠))
واختلف في لا في قوله تعالى : (لا أُقْسِمُ) فقال الأخفش : إنها مزيدة ، أي : أقسم كما تقدّم في قوله تعالى : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) [القيامة : ١] وقد أقسم به سبحانه وتعالى. قال الشاعر (١):
تذكرت ليلى فاعترتني صبابة |
|
وكاد صميم القلب لا يتقطع |
أي : يتقطع ، ودخل حرف لا صلة ، وكقوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) [الأعراف : ١٢] وقد قال تعالى في ص : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) [الأعراف : ١٢] وأجاز الأخفش أيضا أن تكون بمعنى إلا. وقيل : هي نفي صحيح ، والمعنى : لا أقسم بهذا البلد إذا لم تكن فيه بعد خروجك منه ، حكاه مكي. وأجمعوا على أن المراد بالبلد في قوله تعالى : (بِهذَا الْبَلَدِ ،) أي : الحرام وهو مكة ، وفضلها معروف فإنه تعالى جعلها حرما آمنا. وقال تعالى : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) [آل عمران : ٩٧] وجعل مسجده قبلة لأهل المشرق والمغرب. فقال تعالى : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [البقرة : ١٤٤] وأمر الناس بحج البيت فقال تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ) [آل عمران : ٩٧] وقال تعالى : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) [البقرة : ١٢٥] وقال تعالى : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) [الحج : و ٢٦] وقال تعالى : (وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [الحج : ٢٧] وشرف مقام إبراهيم عليهالسلام بقوله تعالى (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) [البقرة :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص ٣٠٢ ، ورصف المباني ص ٢٧٤.