سورة الشمس
مكية ، وهي خمس عشرة آية وأربع وخمسون كلمة ومائتان وسبعة وأربعون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي له الأسماء الحسنى (الرَّحْمنِ) الذي يعلم السرّ وأخفى (الرَّحِيمِ) الذي خص خواصه بالفردوس الأعلى.
(وَالشَّمْسِ وَضُحاها (١) وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها (٢) وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (٤) وَالسَّماءِ وَما بَناها (٥) وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (٦) وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (١٤) وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥))
وقوله تعالى : (وَالشَّمْسِ ،) أي : الجامعة بين النفع والضرّ ، بالنور والحرّ (وَضُحاها) قسم وقد تقدّم الكلام على أن الله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته وقيل : التقدير ورب الشمس إلى تمام القسم. واختلف في قوله تعالى : (وَضُحاها) فقال مجاهد والكلبي : ضوئها وقال قتادة : هو النهار كله. وقال مقاتل : هو حرّها ، وقال لقوله تعالى في طه : (وَلا تَضْحى) [طه : ١١٩] ، أي : لا يؤذيك الحرّ. وقال البريدي : انبساطها. قال الرازي : إنما أقسم بالشمس لكثرة ما يتعلق بها من المصالح ، فإن أهل العالم كانوا كالأموات في الليل ، فلما ظهر الصبح في المشرق صار ذلك الضوء كالروح الذي تنفخ فيه الحياة فصارت الأموات أحياء ، ولا تزال تلك الحياة في القوّة والزيادة إلى غاية كمالها وقت الضحوة ، وذلك يشبه استقرار أهل الجنة.
(وَالْقَمَرِ ،) أي : المكتسب من نورها كما أن أنوار النفوس من أنوار العقول (إِذا تَلاها ،) أي : تبعها ، وذلك إذا سقطت رؤى الهلال. قال الليث : يقال تلوت فلانا إذا اتبعته. وقال ابن زيد : إذا غربت الشمس في النصف الأول من الشهر تلاها القمر بالطلوع وفي آخر الشهر يتلوها بالغروب. وقال الفرّاء : تلاها ، أي : أخذ منها يعني أن القمر يأخذ من ضوء الشمس. وقال الزجاج : تلاها ، أي : حين استوى ودار وكان مثلها في الضياء والنور وذلك في الليالي البيض.
(وَالنَّهارِ ،) أي : الذي هو محل الانتشار فيما جرت به الأقدار (إِذا جَلَّاها ،) أي : الشمس بارتفاعه لأن الشمس تنجلي في ذلك الوقت تمام الانجلاء وقيل : الضمير للظلمة أو للدنيا أو للأرض وإن لم يجر لها ذكر ، كقولهم : أصبحت باردة يريدون الغداة ، وأرسلت يريدون السماء.
(وَاللَّيْلِ ،) أي : الذي هو ضدّ النهار فهو محل السكون والانقباض (إِذا يَغْشاها ،) أي :