سورة ألم نشرح
مكية ، وهي ثمان آيات وتسع وعشرون كلمة ومائة وثلاثة أحرف.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الظاهر الباطن الملك العلام (الرَّحْمنِ) الذي عمّ المخلوقين بالإنعام (الرَّحِيمِ) الذي خص أولياءه بدار السلام.
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦) فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨))
وقوله تعالى : (أَلَمْ نَشْرَحْ) استفهام تقرير ، أي : شرحنا بما يليق بعظمتنا (لَكَ) يا أشرف الخلق (صَدْرَكَ) بالنبوّة وغيرها حتى وسع مناجاتنا ودعوة الخلق ، أو فسحناه بما أودعنا فيه من الحكم والعلوم وأزلنا عنه الضيق والحرج الذي كان يكون معه العمى والجهل. وعن الحسن : ملىء حكمة وعلما.
وقيل : إنه إشارة إلى ما روي أنّ جبريل عليهالسلام أتى النبي صلىاللهعليهوسلم في صباه أو في يوم الميثاق فاستخرج قلبه فغسله ثم ملأه إيمانا وعلما.
فإن قيل : لم قال تعالى صدرك ولم يقل قلبك؟ أجيب : بأن محل الوسوسة هو الصدر كما قال تعالى : (يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) [الناس : ٥] وأبدلها بدواعي الخير فلذلك خص الشرح بالصدر دون القلب. وقال محمد بن علي الترمذي : القلب محل العقل والمعرفة ، والشيطان يجيء إلى الصدر الذي هو حصن القلب ، فإذا وجد مسلكا أغار فيه وثبت جنده فيه وبث فيه الهموم والغموم والحرص فيضيق القلب حينئذ ولا يجد للطاعة لذة ولا للإسلام حلاوة ، فإذا طرد العدوّ في الابتداء حصل الأمن وانشرح الصدر.
فإن قيل : لم قال تعالى : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) ولم يقل : ألم نشرح صدرك؟ أجيب : بوجهين :
أحدهما : كأنه تعالى يقول لام بلام فأنت إنما تفعل جميع الطاعة لأجلي ، وأنا أيضا جميع ما أفعله لأجلك.
ثانيهما : أنّ فيه تنبيها على أنّ منافع الرسالة عائدة إليك لأجلك لا لأجلنا.
واختلف في قوله تعالى : (وَوَضَعْنا ،) أي : بما لنا من العظمة (عَنْكَ وِزْرَكَ) فقال الحسن ومجاهد : حططنا عنك الذي سلف منك في الجاهلية وهو قوله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ