سورة لم يكن (١)
وتسمى القيّمة ، وتسمى المنفكين مكية في قول يحيى بن سلام ، ومدنية في قول الجمهور ، وهي ثمان آيات وأربع وتسعون كلمة وثلاث مائة وتسعون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي لا يخرج شيء عن مراده (الرَّحْمنِ) الذي عمّ بنعمه جميع عباده (الرَّحِيمِ) الذي خص أولياءه بإسعاده.
ولما كان الكفار جنسين أهل كتاب ومشركين ذكرهم الله تعالى في قوله سبحانه :
(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً (٢) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣) وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤) وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨))
(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي : في مطلق الزمان الماضي والحال والاستقبال (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) أي : من اليهود والنصارى الذين كان أصل دينهم حقا فألحدوا فيه بالتبديل والتحريف والاعوجاج في صفات الله تعالى ، ثم نسخه الله تعالى بما شرع من مخالفته في الفروع وموافقته في الأصول فكذبوا. (وَالْمُشْرِكِينَ) أي : بعبادة الأصنام والنار والشمس ، ونحو ذلك ممن هم عريقون في دين لم يكن له أصل في الحق ، بأن لم يكن لهم كتاب.
تنبيه : من للبيان. وقوله تعالى : (مُنْفَكِّينَ) خبر يكن ، أي : منفصلين وزائلين عما كانوا عليه من دينهم انفكاكا يزيلهم عنه بالكلية بحيث لا تبقى لهم به علقة ، ويثبتون على ذلك الانفكاك ، وأصل الفك الفتح والانفصال لما كان ملتحما من فك الكتاب والختم والعظم إذا أزيل ما كان ملتصقا أو متصلا به ، أو عن الموعد باتباع الحق إذا جاءهم الرسول المبشر به ، فإنّ أهل الكتاب كانوا يستفتحون به ، والمشركين كانوا يقسمون بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم.
__________________
(١) وهي سورة البينة.