سورة القارعة
مكية ، وهي إحدى عشرة آية وست وثلاثون كلمة ومائة واثنان وخمسون حرفا
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الملك الأعلى (الرَّحْمنِ) الذي عمت نعمه إيجاده جميع الورى (الرَّحِيمِ) الذي خصّ أولياءه بالتوفيق لما يحب ويرضى.
ولما ختم العاديات بالبعث ذكر صيحته بقوله تعالى :
(الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (٤) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (٩) وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (١٠) نارٌ حامِيَةٌ (١١))
(الْقارِعَةُ) أي : الصيحة ، أو القيامة التي تقرع القلوب بأهوالها والأجرام الكثيفة بالتشقق والانفطار ، والأشياء الثابتة بالانتشار.
وقوله تعالى : (مَا الْقارِعَةُ) تهويل لشأنها وهما مبتدأ وخبر ، خبر القارعة ، وأكد تعظيمها إعلاما بأنه مهما خطر في بالك من عظمها فهي أعظم منه ، فقال تعالى : (وَما أَدْراكَ) أي : أعلمك (مَا الْقارِعَةُ) أي : إنك لا تعرفها لأنك لم تعهد مثلها ، وما الأولى مبتدأ وما بعدها خبره ، وما الثانية وخبرها في محل المفعول الثاني لأدري.
واختلف في ناصب (يَوْمَ) على وجهين أحدهما أنه بمضمر دلّ عليه القارعة ، أي : تقرعهم يوم. وقيل تقديره : تأتي القارعة يوم (يَكُونُ النَّاسُ) والثاني أنه اذكر مقدّرا فهو مفعول به لا ظرف. وقوله تعالى : (كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) يجوز أن يكون خبرا للناقصة وأن يكون حالا من فاعل التامة ، أي : يؤخذون ويحشرون شبه الفراش شبههم في الكثرة والانتشار ، والضعف والذلة ، والتطاير إلى الداعي من كل جانب كما يتطاير الفراش إلى النار ، والفراش طائر معروف. قال قتادة : الفراش الطير الذي يتساقط في النار والسراج ، الواحدة فراشة. وقال الفراء : هو الهمج من البعوض والجراد وغيرهما ، وبه يضرب المثل في الطيش والهرج يقال : أطيش من فراشة (١). وأنشدوا (٢) :
فراشة الحلم فرعون العذاب وإن |
|
تطلب نداه فكلب دونه كلب |
__________________
(١) انظر المستقصى في أمثال العرب للزمخشري ١ / ٢٣٠.
(٢) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.