سورة التكاثر
مكية ، وهي ثمان آيات وثمانية وعشرون كلمة ومائة وعشرون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) ذي الجلال والإكرام (الرَّحْمنِ) الذي عمّ بالإيجاد بعد الإعدام (الرَّحِيمِ) الذي خص أولياءه بتمام الإنعام.
ولما ختم القارعة بالشقي افتتح هذه بفعل الشقاوة ومبتدأ الحشر لينزجر السامع. فقال تعالى :
(أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (٧) ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨))
(أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) أي : شغلكم المباهاة والمفاخرة والمكاثرة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم ، وما ينجيكم من سخطه.
(حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) أي : ألهاكم التكاثر بالأموال والأولاد إلى أن متم وقبرتم منفقين أعماركم في طلب الدنيا ، والاستباق إليها والتهالك عليها إلى أن أتاكم الموت ، لا همّ لكم غيرها عما هو أولى بكم من السعي لعاقبتكم ، والعمل لآخرتكم ، وزيارة القبر عبارة عن الموت. قال الأخطل (١) :
لن يخلص العام خليل عشرا |
|
ذات الضماد أو يزور القبرا |
تنبيه : حتى غاية لقوله تعالى : (أَلْهاكُمُ) وهو عطف عليه ، والمعنى : حتى أتاكم الموت فصرتم في المقابر زوارا ترجعون منها كرجوع الزائر إلى منزله من جنة أو نار ، يقال لمن مات : قد زار قبره.
فإن قيل : شأن الزائر أن ينصرف قريبا والأموات ملازمون للقبور فكيف يقال : إنه زار القبر ، وأيضا حتى زرتم إخبار عن الماضي فكيف يحمل على المستقبل.
أجيب : عن الأول : بأن سكان القبور لا بد أن ينصرفوا عنها ، فإن كل آت قريب ، وعن
__________________
(١) الرجز ليس في ديوان الأخطل ، وهو لمدرك بن حصين الأسدي في لسان العرب (ضمد) ، وتاج العروس (ضمد) ، وجمهرة اللغة ص ٦٤٤ ، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ١٢ / ٦ ، وجمهرة اللغة ص ٦٥٩ ، ١٣٠٠.