سورة الفيل
مكية ، وهي خمس آيات وعشرون كلمة وستة وتسعون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي قدّر به في كل شيء عاملة (الرَّحْمنِ) الذي له النعمة الشاملة (الرَّحِيمِ) الذي يخص أهل الاصطفاء بالنعمة الكاملة :
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥))
وقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ) استفهام تعجب ، أي : أعجب (كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ) أي : المحسن إليك (بِأَصْحابِ الْفِيلِ) فهو خطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وهو وإن لم يشهد تلك الواقعة لكن شاهد آثارها وسمع بالتواتر أخبارها فكأنه رآها ، وإنما قال تعالى : كيف لأن المراد ذكر ما فيها من وجوه الدلالة على كمال علم الله وقدرته وعزة بيته ، وشرف رسوله صلىاللهعليهوسلم. وكانت قصة الفيل ما روي أن أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى كنيسة بصنعاء وسماها القليس ، وأراد أن يصرف إليها الحاج ، وكتب إلى النجاشي إني قد بنيت لك بصنعاء كنيسة لم يبن لملك مثلها ، ولست منتهيا حتى أصرف إليها حج العرب فسمع بذلك رجل من بني مالك بن كنانة ، فخرج إليها فدخلها ليلا فقعد فيها ولطخ بالعذرة قبلتها ، فبلغ ذلك أبرهة فقال : من اجترأ عليّ ، فقيل : صنع ذلك رجل من العرب من أهل ذلك البيت سمع الذي قلت ، فحلف أبرهة عند ذلك ليسيرن إلى الكعبة حتى يهدمها فكتب إلى النجاشي يخبره بذلك ، وسأله أن يبعث إليه بفيله ، وكان له فيل يقال له محمود ، وكان فيلا لم ير مثله عظما وجسما وقوّة فبعث به إليه فخرج أبرهة في الحبشة سائرا إلى مكة ، وخرج معه بالفيل واثني عشر فيلا غيره ، وقيل : ثمانية عشر ، وقيل : كان معه ألف فيل.
وقيل : كان وحده ، فسمعت العرب بذلك فأعظموه ورأوا جهاده حقا عليهم فخرج ملك من ملوك اليمن يقال له ذو نفر بمن أطاعه من قومه فقاتله فهزمه أبرهة وأخذ ذا نفر ، فقال له : أيها الملك استبقني فإن استبقائي خير لك من قتلي فاستبقاه فأوثقه ، وكان أبرهة رجلا حليما. ثم سار حتى إذا دنا من بلاد خثعم خرج له نفيل بن حبيب الخثعمي في خثعم ، ومن اجتمع إليه من قبائل اليمن فقاتلوه فهزمهم وأخذ نفيلا ، فقال نفيلا : أيها الملك إني دليل بأرض العرب وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة فاستبقاه ، وخرج معه يدله حتى إذا مرّ بالطائف خرج إليه مسعود بن مغيث في رجال من ثقيف ، فقال : أيها الملك نحن عبيدك ليس عندنا خلاف لك إنما تريد البيت