سورة قريش
مكية ، في قول الجمهور ومدنية في قول الضحاك والكلبي وهي أربع آيات وسبع عشرة كلمة وثلاثة وسبعون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي له جميع الكمال (الرَّحْمنِ) ذي النعم والأفضال (الرَّحِيمِ) الذي خص أولياءه بالقرب والإجلال.
(لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (٤))
وقوله تعالى : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) في متعلقه أوجه أحدها : أنه ما في السورة قبلها من قوله تعالى : (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) [الفيل : ٥]. قال الزمخشري : وهذا بمنزلة التضمين في الشعر ، وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقا لا يصح إلا به ، وهما في مصحف أبيّ سورة واحدة بلا فصل ، وعن عمر أنه قرأهما في الثانية من صلاة المغرب ، وقرأ في الأولى والتين ا ه. وإلى هذا ذهب الأخفش. وقال الرازي : المشهور أنهما سورتان ولا يلزم من التعلق الاتحاد لأنّ القرآن كسورة واحدة.
ثانيها : أنه مضمر تقديره فعلنا ذلك ، وهو إيقاعهم للإيلاف وهو الفهم لبلدهم الذي ينشأ عنه طمأنينتهم وهيبة الناس لهم وقيل : تقديره اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف وتركهم عبادة رب هذا البيت.
ثالثها : أنه متعلق بقوله تعالى : (فَلْيَعْبُدُوا) أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين لأنهما أظهر نعمة عليهم ، وهذا هو الذي صدر به الزمخشري كلامه ، وفي هذا إشارة إلى تمام قدرته سبحانه ، وأنه إذا أراد شيئا يسر سببه لأنّ التدبير كله له يخفض من يشاء ، وإن عز ، ويرفع من يشاء وإن ذل ، وقريش هم ولد النضر بن كنانة ومن ولده النضر فهو قرشيّ ، ومن لم يلده النضر فليس بقرشيّ. قال صلىاللهعليهوسلم : «إن الله اصطفى كنانة من بني إسماعيل ، واصطفى من بني كنانة قريشا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم» (١) وأخرج الحاكم
__________________
(١) أخرجه مسلم في الفضائل حديث ٢٢٧٦ ، والترمذي في المناقب حديث ٣٦٠٥ ، وأحمد في المسند ٤ / ١٠٧.