سورة الدين
وتسمى سورة الماعون مكية ، في قول عطاء وجابر وأحد قولي ابن عباس رضي الله عنهما ، ومدنية في قول له آخر وهو قول قتادة وغيره ، وهي سبع آيات وخمس وعشرون كلمة ومائة وثلاثة وعشرون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي له كل كمال (الرَّحْمنِ) الذي عم جميع عباده بالنوال (الرَّحِيمِ) الذي خص أولياءه بنعمة الإفضال.
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (٧))
وقوله تعالى : (أَرَأَيْتَ) استفهام معناه التعجب. وقرأ نافع بتسهيل الهمزة بعد الراء ولورش أيضا إبدالها ألفا ، وأسقطها الكسائيّ. قال الزمخشريّ : وليس بالاختيار لأن حذفها مختص بالمضارع ، ولم يصح عن العرب ريت ، ولكن الذي سهل من أمرها وقوع حرف الاستفهام في أول الكلام ، ونحوه (١) :
صاح هل ريت أو سمعت براع |
|
رد في الضرع ما قرى في الحلاب |
وخففها الباقون ، والمعنى : أرأيت (الَّذِي يُكَذِّبُ) أي : يوقع التكذيب لمن يخبره كائنا من كان (بِالدِّينِ) أي : بالجزاء والحساب ، أي : هل عرفته أم لم تعرفه.
(فَذلِكَ) بتقدير هو بعد الفاء ، أي : البغيض البعيد المبعد من كل خير (الَّذِي يَدُعُ) أي : يدفع دفعا عظيما بغاية القسوة (الْيَتِيمَ) ولا يحث على إكرامه لأنّ الله تعالى نزع الرحمة من قلبه ، ولا ينزعها إلا من شقي لأنه لا حامل على الإحسان إليه إلا الخوف من الله تعالى ، فكان التكذيب بجزائه مسببا للغلظة عليه. وقال قتادة : يقهره ويظلمه فإنهم كانوا لا يورّثون النساء ولا الصغار ، ويقولون : إنما يحوز المال من يطعن بالسنان ويضرب بالحسام. وقال صلىاللهعليهوسلم : «من ضم يتيما من
__________________
(١) يروى البيت بلفظ :
صاح يا صاح هل سمعت براع |
|
ردّ في الضرع ما قرى في العلاب |
والبيت من الخفيف ، وهو لإسماعيل بن يسار النسائي في ديوانه ص ٢٩ ، والأغاني ٤ / ٤١١ ، وشرح شواهد الشافية ص ٣١٦ ، وللربيع بن ضبع الفزاري في جمهرة اللغة ص ٣٦٦ ، وبلا نسبة في الاشتقاق ص ٣٣٢ ، وخزانة الأدب ٩ / ١٧٢ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٣٨ ، ولسان العرب (علب).