سورة الكافرون
مكية ، في قول ابن مسعود والحسن وعكرمة ، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة والضحاك ، وتسمى أيضا سورة المعابدة والإخلاص لأنها في إخلاص العبادة والدين كما أن (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في إخلاص التوحيد ، واجتماع النفاق فيهما محال لمن اعتقدهما وعمل بهما. ويقال لها ولسورة الإخلاص : المقشقشتان ، أي : المبرئتان من النفاق. قال الشاعر (١) :
أعيذك بالمقشقشتين مما |
|
أحاذره ومن نظر العيون |
وهي ست آيات وستة وعشرون كلمة وأربعة وسبعون حرفا.
(بِسْمِ اللهِ) الذي لا يستطيع أحد أن يقدره حق قدره (الرَّحْمنِ) الذي عمّ برحمته من أوجب عليهم شكره (الرَّحِيمِ) الذي وفق أهل ودّه فالتزموا نهيه وأمره
(قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (٢) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٣) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (٤) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦))
وقوله تعالى : (قُلْ) أي : يا أشرف الخلق (يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) إلى آخر السورة نزل في رهط من قريش منهم الحارث بن قيس السهمي ، والعاص بن وائل ، والوليد بن المغيرة ، والأسود بن عبد يغوث ، والأسود بن المطلب بن أسد ، وأمية بن خلف. قالوا : يا محمد هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك ونشركك في أمرنا كله ، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فإن كان الذي جئت به خيرا كنا قد شركناك فيه وأخذنا حظا منه ، وإن كان الذي بأيدينا خيرا كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه ، فقال : معاذ الله أن نشرك به غيره ، قالوا : فاستلم بعض آلهتنا نصدّقك ونعبد إلهك ، قال : حتى أنظر ما يأتي إليّ من ربي فأنزل الله تعالى هذه السورة ، فغدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رؤوسهم ثم قرأ عليهم حتى فرغ من السورة فأيسوا منه عند ذلك وأذوه وأصحابه ، وفي مناداتهم بهذا الوصف الذي يسترذلونه في بلدهم ، ومحل عزهم وحميتهم إيذان بأنه محروس منهم علم من أعلام النبوّة.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله تعالى في التحريم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا) [التحريم : ٧] وههنا قال : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ؟)
أجيب : بأنّ في سورة التحريم إنما يقال لهم يوم القيامة ، وثم لا يكون رسولا إليهم فأزال الواسطة فيكونون في ذلك الوقت مطيعين لا كافرين فلذلك ذكره تعالى بلفظ الماضي ، وأمّا هنا
__________________
(١) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.