سورة النصر
مدنية ، بالإجماع وتسمى سورة التوديع ، وهي ثلاث آيات وستة عشر كلمة وتسعة وسبعون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي له الأمر كله فهو العليم الحكيم (الرَّحْمنِ) الذي أرسلك رحمة من الله العليّ العظيم (الرَّحِيمِ) الذي خص أهل ودّه بفضله العميم.
(إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (٣))
وقوله تعالى : (إِذا) منصوب بسبح (جاءَ نَصْرُ اللهِ ،) أي : الملك الأعظم الذي لا مثل له ، ولا أمر لأحد معه بإظهاره إياك على أعدائك ومعنى جاء استقرّ وثبت في المستقبل بمجيء وقته المضروب له في الأزل ، وزاد في تعظيمه بالإضافة ثم بكونها إلى اسم الذات.
وقرأ حمزة وابن ذكوان بإمالة الألف بعد الجيم محضة والباقون بالفتح ، والإعلام به قبل كونه من أعلام النبوّة ، روي أنها نزلت أيام التشريق بمنى في حجة الوداع (وَالْفَتْحُ ،) أي : فتح مكة وهو الفتح الذي يقال له فتح الفتوح ، وقصته مشهورة في البغوي وغيره فلا نطيل بذكرها ، وكان فتح مكة لعشر مضين من شهر رمضان سنة ثمان ومع رسول الله صلىاللهعليهوسلم عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وطواف العرب ، وأقام بها خمس عشرة ليلة ، ثم خرج إلى هوزان وحين دخلها وقف على باب الكعبة ثم قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ، ثم قال : يا أهل مكة ما ترون أني فاعل بكم قالوا : خيرا أخ كريم وابن أخ كريم ، ثم قال : «اذهبوا فأنتم الطلقاء» (١) فأعتقهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان الله تعالى قد أمكنه من رقابهم عنوة وكانوا له فيأ فلذلك سمى أهل مكة الطلقاء ثم بايعوه على الإسلام في دين الله تعالى في ملة الإسلام التي لا دين له يضاف إليه غيرها (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) [آل عمران : ٨٥] وقيل : المراد جنس نصر الله تعالى المؤمنين وفتح بلاد الشرك عليهم. فإن قيل : ما الفرق بين النصر والفتح حتى عطف عليه؟ أجيب : بأنّ النصر الإعانة والإظهار على العدوّ ، ومنه نصر الله تعالى الأرض أغاثها
__________________
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٩ / ١١٨.