سورة تبت (١)
مكية ، وهي خمس آيات وثلاث وعشرون كلمة وسبعة وسبعون حرفا
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) المتكبر الجبار المضل الهاد (الرَّحْمنِ) الذي عمّ خلقه بنعمه بعد الإكرام بالإيجاد (الرَّحِيمِ) الذي خص بتوفيقه أهل الوداد
(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥))
وقوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) دعاء عليه ، وسبب نزول ذلك ما روي عن ابن عباس أنه قال : لما نزل قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء : ٢١٤] صعد صلىاللهعليهوسلم الصفا جعل ينادي : «يا بني فهر يا بني عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا عنده ، فجعل الرجل إذا لم يستطع أرسل رسولا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش ، فقال : أرأيتم لو أخبرتكم أنّ العدوّ مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدّقون؟ قالوا : بلى ،. قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب : تبا لك لهذا دعوتنا جميعا فنزلت» (٢).
وفي رواية أنه صلىاللهعليهوسلم خرج إلى البطحاء فصعد الجبل ونادى : «يا صباحاه فاجتمعت إليه قريش وذكر نحوه».
وفي رواية فصعد الصفا فهتف : «يا صباحاه فقالوا : من هذا الذي يهتف؟ فقالوا : محمد فاجتمعوا إليه فقال صلىاللهعليهوسلم : أرأيتم لو أخبرتكم أنّ خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدّقيّ؟ قالوا : ما جربنا عليك كذبا ، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب : تبا لك أما جمعتنا إلا لهذا فنزلت» (٣).
وعن أبي زيد أنّ أبا لهب أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : ماذا أعطى إن آمنت بك يا محمد فقال صلىاللهعليهوسلم : «كما يعطى المسلمون فقال ما لي عليهم فضل؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : وأيّ شيء تبتغي قال : تبا لهذا من دين أن أكون وهؤلاء سواء فنزلت» (٤). ومعنى تبت قال ابن عباس : خابت. وقال قتادة : خسرت. وقال
__________________
(١) وهي أيضا سورة المسد.
(٢) أخرجه البخاري في تفسير القرآن حديث ٤٧٧٠ ، ٤٩٧٢ ، والترمذي في تفسير القرآن حديث ٣٢٦٣.
(٣) أخرجه مسلم في الإيمان حديث ٢٠٨.
(٤) انظر تفسير الطبري ٣٠ / ٣٣٦.