سورة الإخلاص
مكية ، في قول ابن مسعود والحسن وعطاء وعكرمة ، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة والضحاك والسدّي ، وهي أربع آيات وخمس عشرة كلمة وسبعة وأربعون حرفا.
(بِسْمِ اللهِ) الذي له جميع الكمال ذي الجلال والجمال (الرَّحْمنِ) الذي أفاض على جميع خلقه عموم الأفضال (الرَّحِيمِ) الذي خص أهل وداده من نور الإنعام بالإتمام والأكمال.
(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤))
واختلف في سبب نزول سورة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) فروى أبو العالية عن أبيّ بن كعب : أنّ المشركين قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : أنسب لنا ربك فنزلت. وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة أتيا النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال عامر : إلى من تدعنا يا محمد؟ فقال : إلى الله تعالى ، قال : صفه لنا ، أمن ذهب هو أم من فضة أم من حديد أم من خشب فنزلت ، وأهلك الله تعالى أربد بالصاعقة وعامر من الطفيل بالطاعون. وقال الضحاك وقتادة ومقاتل : جاء ناس من أحبار اليهود إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقالوا : صف لنا ربك لعلنا نؤمن بك ، فإنّ الله تعالى أنزل صفته في التوراة فأخبرنا من أي شيء هو ، وهل يأكل ويشرب ، ومن ورث ومن يرثه فنزلت.
تنبيه : هو ضمير الشأن وهو مبتدأ وخبره الله ، وأحد بدل أو خبر ثان يدل على مجامع صفات الجلال كما دل الله تعالى على جميع صفات الكمال ؛ إذ الواحد الحقيقي ما يكون منزه الذات عن التركيب والتعدّد وما يستلزم أحدهما كالجسيمة والتحيز والمشاركة في الحقيقة ، وخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامّة المقتضية للألوهية.
فائدة : جاء في الواحد عن العرب لغات كثيرة ، يقال : واحد وأحد ووحد ووحيد ووحاد وأحاد وموحد وأوحد ، وهذا كله راجع إلى معنى الواحد ، وإن كان في ذلك معان لطيفة ولم يجىء في صفات الله تعالى إلا الواحد والأحد.
وقوله تعالى : (اللهُ ،) أي : الذي ثبتت إلهيته وأحديته لا غيره مبتدأ خبره (الصَّمَدُ) وأخلى هذه الجملة عن العاطف لأنها كالنتيجة للأولى ، أو الدليل عليها. والصمد : السيد المصمود إليه في الحوائج ، والمعنى : هو الله الذي تعرفونه وتقرّون بأنه خالق السموات والأرض وخالقكم ، وهو واحد متوحد بالإلوهية ولا يشارك فيها وهو الذي يصمد إليه كل مخلوق لا يستغنون عنه ، وهو الغني عنهم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : الصمد هو الذي لا جوف له ، وقال الشعبي : هو الذي لا يأكل ولا يشرب ، وقال الربيع : هو الذي لا تعتريه الآفات ، وقال مقاتل بن حبان : هو الذي لا عيب