فجمعت هذه السورة أحد الأثلاث ، وهو الأسماء والصفات. وقيل : إنها تعدل القرآن كله مع قصر متنها وتقارب طرفيها ، وما ذاك إلا لاحتوائها على صفات الله تعالى وعدله وتوحيده ، وكفى بذلك دليلا لمن اعترف بفضلها.
ومنها ما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلىاللهعليهوسلم بعث رجلا على سرية فكان يقرأ في صلاتهم فيختم ب (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : سلوه لأيّ شيء يصنع ذلك؟ فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأ بها ، فقال صلىاللهعليهوسلم : أخبروه أن الله تعالى يحبه» (١).
ومنها ما رواه الترمذي عن أنس بن مالك «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سمع رجلا يقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) فقال صلىاللهعليهوسلم : وجبت قلت : ما وجبت؟ قال : الجنة» (٢).
ومنها ما روى أنس أيضا «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : من قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) خمسين مرة غفرت ذنوبه» (٣). ومنها ما روى سعيد بن المسيب «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : من قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) عشر مرّات بنى الله له قصرا في الجنة ، ومن قرأها عشرين مرّة بنى الله له قصرين في الجنة ، ومن قرأها ثلاثين مرّة بنى الله له ثلاث قصور في الجنة ، فقال عمر : إذن تكثر قصورنا فقال صلىاللهعليهوسلم : أوسع من ذلك» (٤).
ومنها ما رواه الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه «أنه صلىاللهعليهوسلم قال : من قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) بعد صلاة الصبح اثنتي عشرة مرّة فكأنما قرأ القرآن أربع مرّات ، وكان أفضل أهل الأرض يومئذ إذا اتقى» (٥). وروي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في مرضه الذي يموت فيه لم يفتن في قبره ، وأمن من ضغطة القبر ، وحملته الملائكة بأكفها حتى تجيزه من الصراط إلى الجنة» (٦). وقد أفردت أحاديثها بالتأليف وفي هذا القدر كفاية لأولي الألباب.
ولها أسماء كثيرة ، وزيادة الأسماء تدل على شرف المسمى. أحدها : أنها سورة التفريد ، ثانيها : سورة التجريد ، ثالثها : سورة التوحيد ، رابعها : سورة الإخلاص ، خامسها : سورة النجاة ، سادسها : سورة الولاية ، سابعها : سورة النسبة ، لقولهم : أنسب لنا ربك ، ثامنها : سورة المعرفة ، تاسعها : سورة الجمال ، عاشرها : سورة المقشقشة ، حادي عشرها : سورة المعوذة ، ثاني عشرها : سورة الصمد ، ثالث عشرها : سورة الأساس ، قال : أسست السموات السبع والأرضين السبع على (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ،) رابع عشرها : المانعة لأنها تمنع فتنة القبر ونفحات النار ، خامس عشرها : سورة المحتضر لأنّ الملائكة تحضر لاستماعها إذا قرئت ، سادس عشرها : المنفرة لأن الشياطين
__________________
(١) أخرجه مسلم في المسافرين حديث ٨١٣.
(٢) أخرجه الترمذي في فضائل القرآن حديث ٢٨٩٧ ، والنسائي في الافتتاح حديث ٩٩٥.
(٣) أخرجه الدارمي في فضائل القرآن حديث ٣٤٣٨.
(٤) أخرجه الدارمي في فضائل القرآن حديث ٣٤٣٩.
(٥) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ / ١٤٦ ، والسيوطي في الدر المنثور ٦ / ٤١٥.
(٦) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ / ١٤٥ ، والسيوطي في الدر المنثور ٦ / ٤١٢ ، والقرطبي في تفسيره ٢٠ / ٢٤٩.