سورة الذاريات
مكية وهي ستون آية وثلاثمائة وستون كلمة وألف ومائتان وتسعة وثمانون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) أي المحيط بصفات الكمال فهو لا يخلف الميعاد (الرَّحْمنِ) الذي عم الخلائق بنعمة الإيجاد (الرَّحِيمِ) الذي خص من اختاره بالتوفيق لما يرضاه من المراد.
ولما ختم الله سبحانه وتعالى ق بالتذكير بالوعيد افتتح هذا بالقسم البالغ على صدقه ، فقال عز من قائل مناسبا بين القسم والمقسم عليه.
(وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢) فَالْجارِياتِ يُسْراً (٣) فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤) إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ (٦) وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (٧) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ (١١) يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (١٤) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩) وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٢١) وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣))
(وَالذَّارِياتِ) أي : الرياح تذرو التراب وغيره ، وقيل : النساء الوالدات ، فإنهنّ يذرين الأولاد ، وقوله تعالى (ذَرْواً) منصوب على المصدر المؤكد والعامل فيه فرعه وهو اسم الفاعل والمفعول محذوف اقتصارا ، يقال : ذرت الريح التراب وأذرته.
(فَالْحامِلاتِ) أي : السحب تحمل الماء وقيل : الرياح الحاملة للسحاب وقيل النساء الحوامل وقوله تعالى : (وِقْراً) أي : ثقلا مفعول به بالحاملات كما يقال حمل فلان عدلا ثقيلا ، قال الرازي : ويحتمل أن يكون اسما أقيم مقام المصدر كقوله : ضربته سوطا.
(فَالْجارِياتِ) أي : السفن ، وقيل : الرياح الجارية في مهابها ، وقيل الكواكب التي تجري في منازلها ، وقوله تعالى : (يُسْراً) أي : بسهولة ، مصدر في موضع الحال أي ميسرة.
(فَالْمُقَسِّماتِ) أي الملائكة التي تقسم الأرزاق والأمطار وغيرها بين العباد والبلاد وقوله تعالى : (أَمْراً) يجوز أن يكون مفعولا به كقولك : فلان قسم الرزق أو المال ، وأن يكون حالا ، أي : مأمورة ، وهذه أشياء مختلفة فتكون الفاء على بابها من عطف المتغايرات والفاء للترتيب في