حاضر موجود إذا كان استعماله يضرّه ، فيكون اعتبار ذلك القيد في حقه إذا كان استعماله لا يضرّه ، فإن في مجرّد المرض مع عدم الضرر باستعمال الماء ما يكون مظنته لعجزه عن الطلب ، لأنه يلحقه بالمرض نوع ضعف.
وأما وجه التنصيص على المسافر فلا شك أن الضرب في الأرض مظنته لإعواز الماء وبعض البقاع دون بعض.
(فَتَيَمَّمُوا) : التيمم لغة : القصد (١) ، ثم كثر استعمال هذه الكلمة حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب.
وقال ابن الأنباري في قولهم : قد تيمم الرجل : معناه قد مسح التراب على وجهه.
وهذا خلط للمعنى اللغوي بالمعنى الشرعي! فإن العرب لا تعرف التيمم بمعنى [مسح] (٢) الوجه واليدين ، وإنما هو معنى شرعي فقط.
وظاهر الأمر الوجوب وهو مجمع على ذلك والأحاديث في هذا الباب كثيرة وتفاصيل التيمم وصفاته مبينة في السنة المطهرة ، ومقالات أهل العلم مدونة في كتب الفقه.
(صَعِيداً) هو وجه الأرض سواء كان عليه تراب أو لم يكن ، قاله الخليل وابن الأعرابي والزجاج.
قال الزجاج : لا أعلم فيه خلافا بين أهل اللغة. قال الله تعالى : (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً (٨)) أي أرضا غليظة لا تنبت شيئا ، وقال الله تعالى : (فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠)) ، وإنما سمي صعيدا لأنه نهاية ما يصعد إليه من الأرض ، وجمع الصعيد صعدات (٣).
وقد اختلف أهل العلم فيما يجزىء (٤) التيمم به ، فقال مالك وأبو حنيفة والثوري والطبري : إنه يجزىء بوجه الأرض كله ترابا كان أو رملا أو حجارة ، وحملوا قوله (طَيِّباً) قالوا : والطيب التراب الذي ينبت.
__________________
(١) انظر القاموس المحيط [٤ / ١٩٣].
(٢) ما بين المعكوفين سقط من المطبوع وهو مستدرك من فتح القدير [١ / ٤٧٠].
(٣) جاء في المطبوع [صعدان] وهو خطأ والتصحيح من فتح القدير [١ / ٤٧٢].
(٤) جاء في المطبوع [يجرى] وهو خطأ والتصحيح من فتح القدير [١ / ٤٧٢].