وقد أنكر ذلك أهل العلم عليه لأن النسب لا يمنع من القتال بالإجماع ، فقد كان بين المسلمين والمشركين أنساب ولم يمنع ذلك من القتال.
وقد اختلف في هؤلاء القوم الذين كان بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ميثاق؟ فقيل : هم قريش والذين يصلون إلى قريش هم بنو مدلج (١) ، وقيل : نزلت في هلال بن عويمر وسراقة بن جعشم وخزيمة بن عامر بن عبد مناف كان بينهم وبين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عهد ، وقيل : خزاعة ، وقيل : بنو بكر بن زيد.
(أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) : عطف على قوله (يَصِلُونَ) داخل في حكم الاستثناء : أي إلا الذين يصلون والذين جاءوكم. ويجوز أن يكون عطفا على صفة قوم : أي إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق والذين يصلون إلى قوم جاءوكم حصرت : أي ضاقت صدورهم عن القتال فأمسكوا عنه. والحصر الضيق والانقباض.
قال الفراء : وهو : أي حصرت صدورهم حال من المضمر المرفوع في جاءوكم كما تقول : جاء فلان ذهب عقله : أي وقد ذهب عقله.
وقال الزجاج هو خبر بعد خبر : أي جاءوكم ثم أخبر فقال : (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ). فعلى هذا يكون حصرت بدلا من جاءوكم وقيل : حصرت في موضع خفض على النعت لقوم ، وقيل : التقدير أو جاءوكم رجال أو قوم حصرت صدورهم. وقرأ الحسن : (أو جاؤوكم حصرة صدورهم) نصبا على الحال ، وقال محمد بن يزيد : حصرت صدورهم هو دعاء عليهم كما تقول : لعن الله الكافر ، وضعفه بعض المفسرين. وقيل : أو بمعنى الواو أي وجاءوكم حاصرة صدورهم عن (أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) فضاقت صدورهم عن قتال الطائفتين وكرهوا ذلك.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ) ابتلاء منه لكم واختبارا كما قال سبحانه : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (٣١)) [محمد : ٣١] ؛ أو تمحيصا لكم ، أو عقوبة لذنوبكم ، ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك فألقى في قلوبهم الرعب ، واللام في قوله : (فَلَقاتَلُوكُمْ) : جواب لو على تكرير الجواب : أي لو شاء الله لسلطهم ولقاتلوكم. والفاء للتعقيب.
__________________
(١) جاء في المطبوع [مدمج] وهو خطأ والتصحيح من فتح القدير [١ / ٤٩٦] وتفسير القرطبي [٥ / ٣٠٩].