والجند. وروي نحو هذا عن الشافعي.
القول السادس : قول مالك : أنه موكول إلى نظر الإمام واجتهاده ، فيأخذ منه بغير تقدير ، ويعطي منه الغزاة باجتهاده ، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين.
قال القرطبي (١) : وبه قال الخلفاء الأربعة وبه عملوا ، وعليه يدل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم» (٢) فإنه لم يقسمه أخماسا ولا أثلاثا ، وإنما ذكر ما في الآية من ذكره على وجه التنبيه عليهم ، لأنهم من أهم من يدفع إليه.
قال الزجاج محتجا لهذا القول : قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) [البقرة : ٢١٥] وجائز ، بالإجماع ، أن ينفق في غير هذه الأصناف إذا رأى ذلك (٣).
(وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) : قيل : إعادة اللام في ذي القربى ؛ دون من بعدهم ؛ يدفع توهم اشتراكهم في سهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمعنى أن سهما من خمس الخمس لأقاربه صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقد اختلف العلماء فيهم على أقوال :
الأول : أنهم قريش كلها ، روي ذلك عن بعض السلف واستدل بما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه لما صعد الصفا جعل يهتف ببطون قريش كلها قائلا : «يا بني فلان! يا بني فلان!» (٤).
[الثاني] : وقال الشافعي وأحمد وأبو ثور ومجاهد وقتادة وابن جريج ومسلم بن خالد : هم بنو هاشم وبنو المطلب ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء
__________________
(١) انظره في تفسيره (٨ / ١١).
(٢) حديث حسن : في إسناده عمرو بن شعيب ، وهو ووالده صدوقان وحديثهما حسن.
رواه أبو داود (٢٦٩٤) ، وأحمد في «المسند» (٢ / ١٨٤ ، ٢١٨ ، ٢١٩) ، والنسائي (٦ / ٢٦٢ ، ٢٦٤) ، (٧ / ١٣١ ، ١٣٢) والبيهقي في «الكبرى» (٦ / ٣٣٦ ، ٣٣٧).
ورواه عمرو بن عبسة ، وعبادة بن الصامت وغيرهما مرفوعا.
(٣) انظر : الإجماع لابن حزم (ص ١٣٣ ، ١٣٦) ، كفاية الأخيار (ص ٥٠٧ ، ٥٠٨) ، غاية المطلب (ص ٤٧٠) ، وشرح البرنسي والغروي على أبي زيد (٢ / ٨).
(٤) حديث صحيح : رواه مسلم (٣ / ٨٢ ، ٨٣) ، (٣ / ٧٩ ، ٨٢) ، من حديث عبد الله بن عباس ، وعائشة وأبي هريرة وقبيصة بن المخارق وزهير بن عمرو جميعهم مرفوعا.