[الآية الثامنة]
(وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (٥٨)).
(وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ) : من المعاهدين وهم قريظة وبنو النضير.
(خِيانَةً) أي غشا ونقضا للعهد.
(فَانْبِذْ) : أي فاطرح.
(إِلَيْهِمْ) : العهد الذي بينك وبينهم.
(عَلى سَواءٍ) : أي على طريق مستوية ، والمعنى أنه يخبرهم إخبارا ظاهرا مكشوفا بالنقض ، ولا تناجزهم الحرب بغتة.
وقيل : معنى (عَلى سَواءٍ) على وجه يستوي في العلم بالنقض أقصاهم وأدناهم ، أو تستوي أنت ؛ لئلا يتهموك بالغدر وهم فيه.
قال الكسائي : السواء : العدل ؛ وقد يكون بمعنى الوسط. ومنه قوله تعالى : (فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (٥٥)) [الصافات : ٥٥] ؛ وقيل : معناه على جهر ، لا على سر.
والظاهر أن هذه الآية عامة في كل معاهد يخاف من وقوع النقض منه.
قال ابن عطية : والذي يظهر من ألفاظ القرآن أن أمر بني قريظة انقضى عند قوله (فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) ، [الأنفال : ٥٧] ثم ابتدأ تبارك وتعالى في هذه الآية يأمره بما يصنعه في المستقبل مع من يخاف منه خيانة.
(إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (٥٨)) : تعليل لما قبلها ، يحتمل أن يكون تحذيرا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من المناجزة قبل أن ينبذ إليهم على سواء ، ويحتمل أن تكون عائدة إلى القوم الذين يخاف منهم الخيانة.
[الآية التاسعة]
(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٦٠)).